تقارير

بعد تحوله من رمز للخير إلى رمز للجوع.. تجارة “الخبز اليابس” تزدهر بريف حماة

يصدح مذياع العم “أبو علي” الموصول على مسجلة سيارته الصغيرة من نوع “سوزوكي”، في أغلب شوارع بلدة الكافات بريف حماة، إذ يعلم جميع السكان بوصوله بعد سماعهم للعبارة التي تتكرر كل 10 ثوانٍ بصوته “يلي عندو خبز يابس للبيع”

سابقاً كانت، مهنة “أبو علي” جمع البلاستيك ومحركات الغسالات والبرادات والنحاس وغيرها وحتى الكراسي والطاولات المكسورة، لتدويرها وإعادة تصنيع بعضها أو بيعه للمعامل والمختصين لإعادة تصنيعها، أما اليوم فقد اختص بشراء الخبز اليابس فقط لا غير لعدة أسباب أبرزها مرابح تجارة الخبز وقلة عمليات بيع المحركات والبلاستيك بسبب كثرة العروض الجيدة في السوق ممن يبيعون أدوات منازلهم كاملة بقصد السفر، وفق وصفه.

يقول “أبو علي” البالغ من العمر 62 عاماً لمنصة “مجهر” الإعلامية، “بدأت بشراء الخبز اليابس من السكان في البلدة بعد أن أصبحت أسعار ربطات الخبز الحكومي “المدعوم وغير المدعوم” غالية الثمن، مما أثر على مصنعي الأعلاف بشكل كبير، ممن يستفيدون من إدخال الخبز اليابس والمطحون بصناعة العلف”.

ويتابع “المعلم أبو علي” كما يلقبه أهالي البلدة، “تغيرت أحوال الناس بشكل كبير، وزادت أعداد الأهالي الذين يجمعون ما يتبقى من مخصصاتهم اليومية أو الأسبوعية من الخبز، لتجفيفه وبيعه بالكيلو غرام شهرياً، وهو ما يعطيهم مدخولاً إضافياً صغيراً”.

لا يخشى “أبو علي” ضبط التموين أو رجال الشرطة له، بالرغم من أن عقوبة الإتجار بالخبز اليابس تلحق بها عقوبات كبيرة كالسجن لسنوات عدة، وغرامات مالية كبيرة، معتبراً أن “هذا العمل يستحق المخاطرة، كونه المصدر الوحيد الذي يؤمن فيه طعام بيته واحتياجاته”.

أما “عدنان القشاش” (اسم مستعار) وهو أحد المتعاملين مع “المعلم أبو علي”، الذين يؤمنون له كميات كبيرة من الخبز اليابس أسبوعياً، يقول لمنصة “مجهر” الإعلامية “منذ تطبيق حكومة دمشق لقرار رفع الدعم عن الخبز وتضرر أعداد كبيرة من السكان، ارتفع سعر كيلو الخبز اليابس ووصل لأكثر من 900 ليرة سورية”.

ويبيّن “القشاش” أن “بعض العائلات تقوم بجمع ربطات الخبز وتجفيفه كل شهر، خاصة ممن يمتلكون أكثر من بطاقة ذكية، بسبب سفر أولادهم أو باقي أفراد أسرتهم وترك البطاقة مع أقربائهم، مما يمكنهم من جمع كميات كبيرة من الخبز شهرياً”.

أصحاب معامل ومصانع العلف يشترون هذه الكميات جميعها وبسعر قد يصل لأكثر من 1000 ليرة للكيلو الواحد بسبب ارتفاع سعر العلف الموزع من قبل الحكومة وحتى سعر العلف المستورد من الخارج، ليقوموا بخلط الخبز المطحون وإضافة بعض المواد له وبيعه مع العلف وتوزيعه لأصحاب المداجن والمباقر والأغنام، وفق قول “القشاش”.

 لكن التصريحات الأخيرة لوزير تجارة الداخلية في الحكومة السورية ، “عمرو سالم”، أثارت قلق هؤلاء التجار والأهالي بشكل كبير، إذ قال “سالم” أن “تكلفة ربطة الخبز الواحدة على الحكومة تصل لأكثر من 3700 مؤخراً”، وهو ما اعتبروه تلميحاً واضحاً لإمكانية رفع سعر ربطة الخبز، مما سيوقف هذه التجارة الصغيرة وربما يوقف بعض العائلات عن شرائه نهائياً.

يحاول سكان مناطق سيطرة الحكومة السورية، تدوير وبيع كل شيء حولهم للخروج منه ببضع ليرات، فبعد أن كان رغيف الخبز رمزاً للخير والصدقة، أصبح رمزاً للجوع، بعد أن بدأ الأهالي بتخزينه، وربما عدم القدرة على شرائه في الأيام القليلة القادمة، في حال رفع “الدعم” الحكومي عنه.

إعداد التقرير: نبيل المير

زر الذهاب إلى الأعلى