تقارير

بهدف “التوفير”.. شتاء دون مدافئ في مدارس السويداء

باتت سيدرا الخطيب /12/ عاماً تمتنع عن الذهاب إلى مدرستها الإعدادية، بسبب تعرضها للمرض في أكثر من مرة، نتيجة البرودة الشديدة وعدم تشغيل إدارة المدارس في منطقة السويداء، المدافئ “بهدف توفير مادة المازوت”.

وتقول طالبة الصف السابع /الأول الإعدادي/، لمنصة مجهر بلهجتها المحلية: “بعدهن ما شغلولنا الصوبية، ولا يوم، غير آخر يومين بالامتحان شغلوها شوي ضحكو علينا”.

وتعاني المدارس في السويداء من قلة التوريدات النفطية لها، وبخاصة مدارس المرحلة الإعدادية والثانوية، غير أنّ المناخ السائد في السويداء جبلي شديد البرودة في الشتاء، ولا يحتمله الطلبة.

أغيد أبو حمزة، وهو طالبٌ من الأوائل على دفعته في الصف العاشر (القسم الأدبي) يقول:” السنة الفائتة كنا نأتي إلى المدرسة لنتدفأ ونوفر بعض الوقود في المنزل، أما اليوم فنحن نفاضل ،في بيوتنا بين الدفء والأكل وبين الدراسة والعمل كل يوم، هذه المدارس لا تعطي شيئاً فالأساتِذة أنفسهم يأتون مرغمين، أنا عمري 16 عاماً، وعائلتي تريد إخراجي من المدرسة لأعمل.. أحياناً أفكر أنهم على حق!”.

وتتناقص عدد أيام الدفء في الصفوف المدرسية في السويداء وبات الطلاب يتهربون من الذهاب إليها في الأيام شديدة البرود”، وفقاً لأماني الحلبي، وهي مدرسة للمرحلة الابتدائية.

مدرسة المرحلة الابتدائية تقول لمراسلة مجهر: “المشكلة ليست في المدارس، مُنعنا من تشغيل المدافئ في غرف المعلمين وغرف التوجيه، ونحاول التوفير قدر الإمكان كل يوم، ومع هذا فنحن قلقون من عدم كفاية المخزون، ثم إن اللوم دائماً يُلقى علينا ونحن نأتي في هذه الظروف يومياً لنحصل على راتبٍ لا يكفي لِمواصلاتنا، لو أردنا مَنفعتنا لبقينا تحت أَغطيتنا في البيوت، ما يجعلنا نأتي هو ضميرنا وليس أي شيء آخر”

وفي بعض القرى بريف السويداء، انطلقت مبادرات جماعية أهلية لتأمين مازوت التدفئة للمدارس من قبل الأهالي أنفسهم، فعلى الرغم من كون هؤلاء الأهالي يعانون هم أنفسهم ضيقاً شديداً وشحاً في موارد التدفئة، غير أنهم انطلقوا ، بمبادراتٍ مختلفة لتأمين مازوت التدفئة، ففي قرية لاهثة مثلاً تبرّع أهالي القرية بحوالي 150 لتراً من المازوت للمدرسة الابتدائية، وفقاً لما رصدته مراسلة مجهر.

ومن جهةٍ أخرى قُبلت هذه المبادرات بتياراتٍ مختلفةٍ من الآراء، فمنهم من شجعوا هذه المبادرات وأثنوا عليها، ومنهم من اعتبرها مساعدةً، هي في الأساس مسؤولية الحكومة وأن الأهالي بهذه الطريقة يساعدون الحكومة على تجاهل متطلباتهم وحقوقهم الأساسية عن طريق الاتكال عليهم لتأمينها فأبو سعيد يقول: “لن يؤمنوا لنا شيئاً ما دمنا نفعل هذا، فكلما ضيقوا علينا المعيشة ساعدناهم أكثر على الشعور بأننا سننجو بل وسنساعدهم على تأمين ما يعجزون عن تأمينه وبهذا نستحق كل ما يحصل لنا”.

غير أن زوجته تعارضه بقولها: “هل نتركهم يموتون من البرد؟، هؤلاء ليسوا أولادهم، أولادهم في مدارسٍ خاصة ولديهم تدفئة مركزية ولن يرأفو بأطفالنا، لكنهم أولادنا نحن، ألا يكفيهم كل ما يضطرون لعيشه، نتركهم يتجمدون أيضاً!”.

“كلٌ على طريقته، يحاول النجاة بأقل الخسائر في هذه  الظروف المعيشية السيئة، غير أن طلاب المدارس لم يعودوا يفكرون في المدارس ولم يعودوا يؤمنون بأهمية التعليم”، كما تقول راما أبو عسلي، المرشدة النفسية في إحدى مدارس السويداء.

وتضيف المرشدة النفسية: “الطلاب وخاصةً في الصف الثامن وما فوق يمرّون بمرحلة تحديد أولوياتهم كمراهقين، وفي الظروف الطبيعية نعاني نحن والأهالي لإقناعهم بجدوى الدراسة  وأهميتها للدخول  إلى الجامعة وتأمين المستقبل، وفي هذه الظروف بتنا بحاجة إلى جهود مضاعفة لإقناعهم بأن المدرسة أولويةٌ أصلاً “.

إعداد التقرير: أورنينا سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى