آراء وتحليلات

بعد التخرج.. طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية إلى أين؟

منذ أيام أنهت مجموعة جديدة من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية دراستهم، والتي دامت أربع سنوات، ليتخرجوا بعد جهد وتعب من خلال عرض تحت عنوان “ما لم يكتبه شكسبير”، والذي ضم خمسة عشر طالباً وطالبة بإشراف الأستاذ “عروة العربي”.

فرضية جديدة في العرض

العرض كان ذو فرضية جديدة ومختلفة، حيث لعب الخريجون شخصيات شكسبير الشهيرة، لكننا رأينا الوجه الآخر لهم، حيث يجتمعون كلهم في قصر ويُحبَسون داخله، ليظهر لهم شكسبير ويخبرهم أن أحد شخصياته قد قتله، وحين يكشفون عن القاتل الحقيقي؛ فإن القصر سيفتَح أبوابه ويتحررون من الأسر، ويبدأ الصراع هنا بين روميو وجولييت، وديدمونة وشايلوك، والملك لير وماكبث وغيرهم، إلى أن تتبين خلافات كثيرة كانت خلف قصص الحب التي رسمها شكسبير، وبعدها يُغسَلون تحت المطر منادين شكسبير ليحررهم ويغسلهم من خطاياهم.

قدم الشباب الخمسة عشر أداءً جيداً رغم التفاوت بينهم، لكن يمكن الاستبشار خيراً بهذه الدفعة، لا سيما بكل من “خالد النجار، براء بدوي، وجعفر مصطفى”، وفق متابعة مراسلة “مجهر” لمشروع تخرّج الطلبة.

ولكن يبقى السؤال دوماً يدور في أذهان الطلاب والجميع، ماذا بعد هذا العرض؟

كوادر كثيرة وفرص قليلة

إذا حسبنا عدد طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية الذين يتخرجون كل عام، وعددهم تقريباًما بين /١٥/ و/٢٠/ طالباً، عدا طلاب التمثيل في الجامعة العربية الدولية وطلاب جامعة المنارة، بالإضافة للورشات التي باتت تدعم المواهب التمثيلية،فسنجد أنفسنا كل عام أمام أكثر من خمسين ممثلاً جديداً شاباً، وهُنا يكمن السؤال، أين ستذهب كل هذه الكوادر الجديدة من الممثلين الشباب الذين من حقهم أن يعملوا؟

ربما لو كانت الدراما السورية على وضعها السابق ذات زخم إنتاجي كبير ومتواصل، وكان التهافت العربي عليها قوياً كما ذي قبل؛ لربما وجد هؤلاء الشبان والشابات فرصهم، لكن اليوم،ومع تراجع الإنتاج والضعف المادي الحاصل لدى الشركات السورية، فإن فرصهم قليلة–للأسف– عدا عن ذلك؛ فإن الخريجين الشباب قد يكون لديهم خدمة إلزامية فيلجؤون فوراً للهروب خارج البلاد للبحث عن عمل مؤقت إلى أن يجدوا فرصتهم، وباتت الفرص خارج سوريا هي التي تستقطب المتابعين لا سيما في تركيا، وبات الحلم يبدأ من هناك، حيث الأعمال الفورمات التي تدفع أكثر للشباب، طبعاً بقيت شركات إنتاج لبنان هي الحلم الثاني الذي يسعى له الخريجون، بينما الأعمال السورية باتت خياراً ثانوياً، رغم أهمية القصص المطروحة مقارنة بتركيا ولبنان، لكن المبالغ التي تُدفَع داخل سوريا ليست جيدة بالعموم كونها بالليرة السورية.

هل من حلول؟

ينتظر خريجو أقسام التمثيل من المعهد والجامعات في أن يقدّرهم أحدٌ ما، وربما في حال منحت الدولة الذكور منهم فرصة الخدمة العسكرية في المسرح العسكري لكان ذلك أفضل من هجرة هذه الكوادر المبدعة. أما عن الفرص داخل سوريا؛ فهي مشكلة أكبر منهم بكثير، فبعد الحرب يحتاج الموضوع إلى الكثير من الإصلاحات على أصعدة كثيرة، بدءاً من تحسين الأجور من قبل  شركات الإنتاج السورية للممثلين، وإعمال اتفاق ربما بين المعهد والشركات تلك لرفدهم بالمواهب الجديدة المناسبة للأدوار المطروحة، بالإضافة لذلك يحتاج المعهد لدعم وزارة الثقافة، فهو– أي المعهد – يعاني بشكل كبير من سوء قاعاته ومسارحه وحتى حماماته “المقرفة”، حرفياً،تجدها دون أي اهتمام بهذا البناء العريق، وطبعاً لا يمكن نسيان أن دمشق لا تملك سوى مسرحَين قوميين فقط هما “القباني” و”الحمراء”، ولا يتلقون أيّ دعم الآن.

بالمختصر؛ يحتاج الطلاب الخريجون لفرص ودعم كبير، لكن قبل ذلك ربما قطاع الثقافة بحد ذاته والإنتاج الدرامي بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل كامل وهيكلة جديدة، ليجد أصحاب الكوادر فرصة ولو باتت نادرة.

إعداد: كاتيا الحسامي

زر الذهاب إلى الأعلى