تقارير

جمركة هواتف بعشرة أضعاف الراتب.. الحكومة السورية تسعى لـ “مواكبة التطور التكنولوجي”

مع مواكبة العالم للتطور الرقمي والتكنولوجي والاتصال، والذي ساعد البشر في حياتهم، وسهّل عليهم العمل عن بُعد، وغيرها من الأعمال التي توفر الوقت والجهد، إلا أنّه تبقى هناك فجوات كبيرة لدى دول تحاول الدخول في هذا السباق الخاسر، وفقاً لسكان من العاصمة السورية دمشق.

يقول طلبة وموظفون سوريون يقطنون العاصمة دمشق: “كيف لدولة لا تستطيع توفير الكهرباء والماء والإنترنت والمواصلات بأن تدخل عالم التطور، وكيف للناس الذين لا يجدون ثمن غذائهم ومواصلاتهم اليومية بأن يكون لديهم الوقت لمعرفة آخر التطورات العالمية”.

قرارات لا تمت بِصِلَةٍ مع الواقع

ويرى السوريون أن الفجوة الزمنية بين سوريا والدول الأخرى تحتاج سنوات عديدة لسدها، ورغم كل هذا تحاول الحكومة السورية إصدار قرارات،يصفها السكان بأنها لا تمت للواقع بصلة،وفرضها يعني كأن الحكومة تعيش على كوكب آخر.

ومؤخراً أصدرت رئاسة مجلس الوزراء قراراً يقضي باستيفاء الرسوم لطلاب الجامعات العامة والخاصة والمؤسسات التربوية الخاصة من خلال الحسابات المصرفية حصراً، بدءاً من العام الدراسي 2023- 2024. القرار جاء في ظل التوجه الحكومي نحو الدفع الإلكتروني وتبسيط الإجراءات والمعاملات، وفقاً لتعبيرهم.

لكن ووفقاً لطلبة وموظفين التقت معهم منصة “مجهر”: “من الواضح أنّ المعنيين في القرار تناسوا واقع الحال السوري، بل وغضّوا النظر عنه، فكيف للطالب السوري والمواطن أن يدفع عبر حساب مصرفي رقمي ومن أي مكان وهو لا يرى الكهرباء ولضعف الإنترنت لا يستطيع إرسال رسالة أحياناً”.

“إبداعٌ في خلق الأزمات”

يقول “جمال/ 24 عاماً”خرّيج كلية الإعلام ويعمل صحفياً في موقع سوري، ويعيش في مدينة “صحنايا”: “كل مابدي زيد الرصيد بدي أنتظر على الأقل /3/ ساعات، وإذا مافي شبكة راحت لليوم التاني، هي طبعاً إذا النت 4G ومعبي رصيد كبير، لأنو عنا هون الكهربا ما بتجي إلا ساعة، فكيف بدي أدفع أو أفتح حتى بلا ما يعلق النت والموقع؟.. وأصلا شركة الاتصالات عنا بتسحب كل شي معك رصيد ومابتكون شامم ريحة النت، يعني عايشين هون لنخسر”.

ومن جهتها “راما محمد/ 27 عاماً” ماجستير في الهندسة المعمارية وتعيش في ضاحية “قدسيا”، قالت: “إبداع في خلق الأزمات لنا نحن الشباب، هم يعتقدون أنهم يحلون المشكلة، لكن على هذه الحال المشكلة تصبح أكثر تعقيداً”.

وأضافت: “اقتربت مدة انتهاء الدفع ولا زلنا ننتظر خدمة الإنترنت والكهرباء، وبعدها سوف يكون هناك ضغط كبير على الموقع والصرّافات، وهناك احتمال أن أبقى يومين أعمل لأتمكن فقط من الدفع”.

وقالت في الختام: “يريدون كل شيء أن يكون إلكترونياً، ولكن للأسف لا يوجد إنترنت ولا كهرباء”.

“جهازك مسؤوليتك”.. الحكومة تطالب المواطن بجمركة الهواتف

وبمتابعة أوضاع السوريين والقرارات الحكومية ووضع التحول الرقمي والتطور التكنولوجي، ونظراً لأهمية الهواتف المحمولة في مواكبة هذا التطور وغلاء أسعارها، بدأت الحكومة السورية، وفقاً لسكان في العاصمة دمشق، بتضييق الخناق على الشريحة الأكبر من الشعب السوري وخاصة فئة الشباب، إذ أطلقت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد حملة “جهازك مسؤوليتك” وذلك “لضمان سلامة الأجهزة الخليوية ومحاربة ظاهرة تغيير المُعرّفات الخاصة بالأجهزة (كسر الإيمي)، وفقاً للحكومة، التي اعتبرت هذا الأمر”خرقاً قانونياً لغايات ربحية مشبوهة”.

وسيتم إرسال رسائل إلى الأشخاص الذين قاموا بهذه العملية، وإن لم يستجيبوا خلال شهر فسيتم إيقاف الهاتف المحمول وملاحقة صاحبه “قانونياً”، وبحسب القانون تبلغ مدة السجن من سنة إلى /3/ سنوات، والغرامة بين مليون إلى /4/ ملايين ليرة سورية.

ويشير السكان أن “هذا الخرق” ناتج عن رسوم الجمركة المرتفعة على الهواتف المحمولة، فالمواطن لا يستطيع جمركة جهازه بـ/3/ مليون ليرة سورية، ولذلك يلجأ إلى عملية “كسر الإيمي”، ويقول السكان أن الحكومة تتناسى أيضاً أنّ راتب الموظف السوري /100/ ألف ليرة سورية فقط.

يقول “أبو محمد الأحمر/ 55 عاماً” والذي يعيش في حي”المزة” بدمشق: “راتبي /109/ آلاف ليرة سورية(أي ما يعادل 9 دولارات أمريكية) وهو لا يكفيني لمدة أسبوع، فكيف سأصرف على عائلتي بهكذا رقم، اضطررت لـ”كسر إيمي” جهاز ابنتي التي تستخدمه بالجامعة لأنه لا قدرة لي على جمركته بمليون ليرة سورية”.

وأضاف: “الحكومة تعتقد أننا فوانيس سحرية بمقدورنا العيش بهكذا وضع لتطبق علينا القرارات، ونحن لا ندري إذا كان بإمكاننا العيش ليوم إضافي أم لا”.

ارتفاع أسعار الأجهزة المحمولة نتيجة ارتفاع أجور الجمركة التي تبلغ أكثر من ثمن الهاتف نفسه، أدى لوجود سوق موازية للهواتف المحمولة والتي تباع بثمن أقل، إلا أنّ حامليها لا يستطيعون استخدامها على شبكات الخليوي الموجودة في سوريا، بل على شبكة الإنترنت فقط، وقد ارتفعت خلال 2023 نشرة جمركة الهواتف المحمولة أكثر من مرة، دون أي توضيح أو إعلان رسمي من أي جهة مسؤولة.

وبين سوء جودة الإنترنت وارتفاع أسعار الهواتف الخليوية وجمركتها، يقف المواطن السوري متأخراً عن مواكبة التطور التكنولوجي العالمي، وبينما بدأ كل العالم بالتطور التكنولوجي،يجد المواطن السوري صعوبةً في إرسال رسائل “الواتس آب”.

زر الذهاب إلى الأعلى