رويترز: ارتباك في واشنطن بعد إعلان ترامب المفاجئ عن رفع العقوبات على سوريا

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من العاصمة السعودية الرياض، عن نيته رفع العقوبات المفروضة على سوريا، موجة من الارتباك داخل مؤسسات الإدارة الأميركية، خاصة وزارتي الخارجية والخزانة، اللتين لم تُبلغا مسبقاً بالخطوة، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” عن أربعة مسؤولين أميركيين مطلعين.
وبحسب المصادر، لم يصدر البيت الأبيض أي توجيه رسمي إلى الجهات المختصة بشأن القرار، كما لم تكن هناك مذكرة أو تحضيرات إجرائية قبله، ما دفع المسؤولين إلى محاولة استيعاب التداعيات القانونية واللوجستية لتنفيذه، لاسيما وأن عدداً كبيراً من هذه العقوبات يسري منذ عقود.
لقاء مفاجئ وإعلان درامي
وجاء الإعلان خلال لقاء ترامب بالرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في الرياض، الأربعاء الماضي، وسط غياب تام للمعلومات لدى مسؤولي العقوبات الأميركيين حول الخطوات التالية. وقال أحدهم للوكالة: “الجميع يحاول فهم كيفية تطبيق القرار”، في إشارة إلى حالة الغموض داخل المؤسسات.
وصف أحد المسؤولين الأميركيين الخطوة بأنها جاءت على النمط “الكلاسيكي والسريع والدرامي” لترامب، مضيفاً أن “الارتباك لم يكن طارئاً فقط عقب الإعلان، بل سبق الزيارة، إذ لم تكن هناك مؤشرات داخل وزارتي الخارجية والخزانة بأن الرئيس اتخذ قراراً نهائياً بشأن رفع العقوبات”.
ملف معقّد وشكوك مستمرة
ورغم أن شخصيات سورية رفيعة زارت واشنطن الشهر الماضي لمناقشة مسألة العقوبات، فإن “البيت الأبيض والكونغرس لم يحسما الموقف بعد”، وفق الوكالة، مشيرة إلى أن ماضي الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي قطع علاقاته بتنظيم القاعدة في عام 2016، لا يزال يثير الجدل داخل الأوساط السياسية الأميركية.
شروط أميركية مشددة
ووفقاً لملخص اللقاء الرسمي الصادر عن البيت الأبيض، اشترط ترمب على الحكومة السورية الجديدة اتخاذ سلسلة من الخطوات الأمنية مقابل رفع العقوبات، من أبرزها:
• إخراج جميع “الإرهابيين الأجانب” من الأراضي السورية.
• ترحيل من وصفهم بـ”الإرهابيين الفلسطينيين”.
• التعاون الكامل مع واشنطن لمنع عودة تنظيم “داعش”.
عوائق قانونية أمام التنفيذ
وتعود أولى العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا إلى عام 1979، عندما أُدرجت على قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، قبل أن تتصاعد بعد عام 2011 ضد نظام بشار الأسد. ويُعد قانون “قيصر لحماية المدنيين السوريين”، الصادر عام 2019، والمُمدد مؤخراً، أبرز العقبات القانونية أمام رفع العقوبات، إذ يستهدف ليس فقط النظام السوري بل أيضاً كل من يتعاون معه من كيانات ودول.
ويتطلب إلغاء هذا القانون تصويتاً من الكونغرس، لكنه يتيح للرئيس الأميركي تعليق العقوبات مؤقتاً لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أو إصدار “رخصة عامة” لتعليق تنفيذ بعضها.
مسار طويل ومعقد
وقال المسؤول الأميركي السابق، إدوارد فيشمان، مؤلف كتاب Chokepoints، إن رفع العقوبات المفروضة بموجب أوامر تنفيذية وتشريعات اتحادية قد يستغرق عدة أشهر، مستشهداً بتجربة مشابهة جرت عام 2015 خلال تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران.
وأضاف فيشمان: “سيكون من المفاجئ رفع جميع العقوبات دفعة واحدة. من المرجح بقاء بعض الكيانات والأفراد السوريين على قوائم العقوبات، بسبب ارتباطات إرهابية أو ممارسات غير قانونية سابقة”.
يمثل إعلان ترامب بداية مسار سياسي معقّد أكثر من كونه تحوّلاً إجرائياً فورياً، في ظل انقسام داخل الإدارة الأميركية بين البيت الأبيض من جهة، والوزارات والمؤسسات من جهة أخرى. وبينما تسعى واشنطن لفهم الخطوة وتقييمها، يواجه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع اختبارات صعبة لتحقيق التزامات أمنية قد تُفتح على ضوئها أبواب رفع العقوبات تدريجياً.