تقارير

زواج القاصرات ينتشر في الرقة.. تعنيف للنساء وازدياد في حالات الطلاق

الرقة_ مجهر

لم تستطع فاطمة محمد (40 عاماً)، من سكان مدينة الرقة، أن تمنع زوجها من الموافقة على الشاب الذي تقدم لطلب يد ابنتها، ذات الستة عشر عاماً، رغم المحاولات العديدة لإفشال هذه “الزيجة”.

تتخوَّفُ “فاطمة” من فشل محتمل لزواج ابنتها أو طلاقها بعد فترة وجيزة من الزواج، لأنها تعلم جيداً أن الفتاة لا تزال قاصرة وغير قادرة على تدبير أمور المنزل وتلبية احتياجات الزوج والأسرة، وفقاً لتعبيرها.

وتشهد مدينة الرقة، شمال شرق سوريا، تزايداً لحالات زواج الفتيات القاصرات، رغم تحذيرات المؤسسات النسوية والمدنية من خطورة هكذا نوع من الزواج وتبعاته السلبية.

القرار دائماً للآباء!!

بينما تحاول “فاطمة” إقناع زوجها بالعدول عن قرار تزويج ابنتها وتشرح له “أن الفتاة غير مهيَّأة بعد على الزواج”، يُصِرُّ الأب على قراره ويقول إنها ابنته وهو صاحب القرار الأول والأخير في تزويجها من عدمه.

وتغلب على سكان مدينة الرقة وريفها الصفة والصبغة العشائرية، إلى جانب وجود سكان من مدن سورية أخرى مثل حمص وحماة وحلب استقرت فيها، بعد أن قصدتها للعمل منذ منتصف القرن العشرين، كما قصدها آلاف النازحون من المناطق السورية الأخرى بعد بدء الحرب في العام 2011.

ويقول “حسين”، وهو زوج “فاطمة”، إن قرار تزويج ابنته ليس عناد منه، إنما هي عادة اجتماعية يلتزم بها معظم سكان المنطقة، والتي “تجيز وتبرّر” تزويج الفتاة حال تقدم شاب مناسب لها؛ حتى لو كان عمرها صغيراً.

ويرفض “حسين” قول زوجته إن ابنته لا تزال طفلة وغير قادرة على تلبية احتياجات الأسرة والمنزل والزوج، “لا والله صارت صبيّة وبتعرف كل شي”، على حد وصفه.

أطفالٌ يربّون أطفالاً!

وفي جانب آخر من مدينة الرقة؛ تفاجأ عمران العلي (45 عاماً)، من سكان مدينة الرقة، عندما زار ابنته ذات الستة عشر عاماً برفقة زوجته (والدة ابنته)، بعد أن أنجبت ابنتهما طفلَها الأول، ليجدَ ابنته تتعامل مع الطفل كأنه “لعبة” وليس ابنها.

ويقول الرجل الأربعيني، إن أكثر ما أحزنه هو بكاء ابنته الشديد، عندما بدأ ابنها بالبكاء ولم تكن تعلم ماذا يريد، لتهمس زوجته في أذنه “انظر طفلٌ يربي طفلاً”، هذا نتيجة قرارك تزويجها صغيرة.

وتتبنى العديد من المنظمات المدنية العاملة في الرقة إقامة جلسات توعوية ومبادرات، وتنشر بروشورات حول مخاطر زواج القاصرات في الرقة وأثر ذلك على المجتمع.

ارتفاع معدل الطلاق هي نتيجة تزويج قاصرات

وتعمل “إلهام إبراهيم”، وهي ناشطة نسوية من الرقة، على عقد جلسات توعوية باستمرار لمناقشة ظاهرة زواج القاصرات وأثرها على الفتيات. رغم ذلك؛ فإن الظاهرة لا تزال منتشرة، وبكثرة، بحسب ما قالت لـ”مجهر”.

وأشارت إلى أن العديد من المنظمات المدنية ومؤسسات الإدارة الذاتية تقيم النشاطات التوعوية حول التعريف بسلبيات زواج القاصرات، لكن ذلك لم يؤثر شيئاً على تغيير هذه الظاهرة، ولا يزال كثير من السكان يزوّجون بناتهم وهُنَّ صغارٌ بالسن.

واعتبرت الناشطة النسوية أن ارتفاع معدل الطلاق وفشل كثير من الزيجات؛ يعود إلى أن معظم حالات الزواج تكون فيها الفتاة قاصر وربما الشاب أيضاً لا يزال تحت السن القانونية للزواج وهو الـ18 عاماً.

ونوهت الناشطة إلى أن الفتيات القاصرات غالباً ما يتعرضن للتعنيف من قبل أزواجهن بسبب عدم مقدرتهن على التعامل مع الحياة الزوجية، “تخيل ذلك؛ بدل أن تكون طفلةً تلعب؛ فجأة ترى نفسها أمّاً لطفل!”.

زر الذهاب إلى الأعلى