تقارير

بسبب الظروف الاقتصادية.. طلاب في جامعات دمشق يفكرون في توقيف تسجيلهم

لم يعد بإمكان “فادي بركات/ 21 عاماً”، وهو طالبٌ في سنته الثالثة بكلية الفنون الجميلة بدمشق، تحمّل تكلفة مصاريفه الجامعية، وبات يفكّر في إيقاف تسجيله في الفصل المقبل.

“فادي” والذي يختص في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة، وكغيره من طلاب الجامعات العملية في دمشق، يعاني من الارتفاع المستمر والكبير في أسعار المواد اللازمة لتنفيذ مشاريعه الدراسية.

ويحتاج الطالب في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة، وفقاً لما قاله، لأن ينفذ عدداً من المشاريع العملية، لا تقل تكلفة المشروع الواحد عن /40/ ألف ليرةٍ سورية”.

ويقول “فمثلاً يصل سعر ليتر زيت النفط إلى أكثر من /15/ ألف ليرة سورية، ويحتاج الطالب إلى ليتر ونصف تقريباً لتأسيس اللوحة قبل البدء بالرسم عليها، وهذه أقل التكاليف،ونقدم امتحانين عمليين (كويزين) خلال الفصل الواحد، ويتطلب كل “كويز” إطاراً خشبياً وقطعةً قماشية يتراوح سعرها بين الـ/20/ والـ/25/ ألف ليرة سورية”.

ويضيف: “عصارتا ألوان زيتية على الأقل سعر الواحدة منها/5/ آلاف ليرة سورية، بينما العصارة الأسوأ أو “الستوك” والنفط والرِّيش تقريباً تقدَّر قيمتها بـ/20/ألف ليرة سورية، أي تصل تكلفة “الكويز” الواحد إلى /50/ألف ليرة سورية على أقل تقدير، وإذا اخترت مواداً مقبولة الجودة، ليست ممتازة، لن تقل التكلفة عن /70/ ألف ليرة سورية، هذا إذا جلبت أدوات سيئة لأُلبّي الواجب فقط، ثم يسألون لماذا أريد إيقاف تسجيلي؟!”.

ويتابع”فادي”القول “يُضاف إلى هذا المشروع أربعة أو خمسة مشاريعٍ عملية منفصلة عن (الكويز)، وهي تحتاج إلى ذات مواد “الكويز” تقريباً ويرجع الاختلاف إلى نوع المشاريع وأنواع الألوان المطلوبة، وكذلك إلى حجم اللوحات، لكن متوسط التكلفة الفعلية لأي مشروعٍ عملي لا يقل عن /40/ ألف ليرة سورية”.

وعلى الرغم من صعوبة وإجهاد المشاريع العملية في الكلية، إلا أن “فادي” يضطر إلى العمل في محل أحذية خارج أوقات الدوام الجامعي ليستطيع تأمين مصروفه الجامعي على الأقل، ويقول لمنصَّة “مجهر”: “أعمل حتى الساعة/12/ ليلاً وأذهب إلى الجامعة في الثامنة صباحاً، ومع ذلك أنا وأهلي نتقاسم المصروف، هم يدفعون للمشاريع وأنا أتكفل بمصروف طعامي والمواصلات، لكن ونظراً للتدهور الكبير في الأسعار في الفترة الماضية؛ لم يعد باستطاعة أهلي دفع ثمن المواد اللازمة للجامعة،التي يقولون عنها إنها مجانية!”.

ويعيش الطالب “فادي” في حي “جرمانا” بدمشق، ويضطر لركوب /4/ حافلاتٍ للذهاب والعودة من وإلى جامعته، كما يُجبر على السهر ليلاً ليستطيع أداء واجباته بعد العودة من العمل وأثناء ساعات وصل الكهرباء.

ولم يسلم طلاب الجامعات النظرية أيضاً من تأثير غلاء الأسعار على استمرارية وإمكانية إكمالهم لدراستهم الجامعية، ففي كلية الأدب العربي وصل سعر شراء ثلاث مقررات فقط إلى /35/ ألف ليرة سورية، بينما انتشرت ظاهرة بيع الكتب المستعملة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير، إذ تقول “أمل داود”، وهي طالبةٌ في السنة الرابعة بكلية الإعلام: “بعت مقررات السنة الماضية من خلال صفحات الفيسبوك، لأتمكن من شراء مقررات هذه السنة، أنا طالبة وسأتخرج بعد أشهر، ومثل كل زملائي لا أعرف بعد كيف سأقوم بتأمين متطلبات مشروع التخرج”.

أما “أمجد” زميلها، فيرد:”لماذا تتذمَّرين؟ بعد التخرج، ستتوظفين براتب /70/ ألف ليرة، من شو بتشكي؟”.

لتكمل مازحةً: “أبيع ثيابي لأسدّد ديوني، ثم أدفع أجرة المواصلات من الراتب وأتديّن ثمن الطعام”.

هكذا يحوّل معظم الطلاب معاناتهم اليومية إلى كوميديا سوداء حتى يستطيعون إكمال حياتهم الجامعية بأقل ضررٍ نفسيٍّ ممكن.

إعداد التقرير: أورنينا سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى