تقارير

في ذكرى تحريرها الثامنة.. كوباني “المدينة المنسية” خدميا

يشتكي سكان مدينة كوباني، على الحدود السورية التركية،من تدنّي مستوى الخدمات وتقلّص فرص العمل، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في مدينتهم،بالتزامن مع ذكرى تحريرها الثامنة من تنظيم “داعش” الإرهابي.

ويصادف ٢٦ يناير/ كانون الثاني ذكرى تحرير مدينة كوباني من تنظيم “داعش” الإرهابي على يد وحدات حماية الشعب بإسناد من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، حيث باتت كوباني رمزاً للمقاومة وشغلت حيّزاً كبيراً من الاهتمام الدولي بها.

ومن منطلق رمزيّتها وبطولتها؛ يرى سكان كوباني أن مدينتهم لم تحظَ باهتمام دولي ولا محلي كافٍ يحفّزهم على البقاء فيها،بل على العكس أصبحت مهمّشة خدمياً واقتصادياً بعد أعوام تلت تحريرها.

يرى الناشط والإعلامي “ستير جلو”أنهم انتظروا تحرير مدينتهم من إرهاب “داعش” بفارغ الصبر،وبدأ سكانها العودة والعمل على ترميم منازلهم المتضررة وإعادة إعمار المدمّرة منها دون دعم دولي مالي مخصص لذلك، وترافق ذلك مع دخول منظمات إغاثية وطبية ساهمت بإعادة الحياة للمدينة التي تدمر أكثر من ثلثيها.

“استمر الوضع بالتحسّن على مدار أربعة أعوام بعد تحريرها عام ٢٠١٥، ومن كافة النواحي، الخدمية والتعليمية والمعيشية،ووجد الكثير من أبناء وبنات المدينة فرص عمل في مؤسساتودوائر الإدارة الذاتية،وبرواتب تسدُّ احتياجاتهم”، حسب ما روته “سونيا إبراهيم” ناشطة من مدينة كوباني.

ويستذكر “صالح حبش”،وهو قاصٌّ من مدينة كوباني، مدى إصرار أهالي المدينة بالعودة إليها إبان تحريرها،واستعدادهم لنصب خيمة فوق ركام منازلهم للعيش فيها، ويقول في هذا الصدد:”خلال أقل من عام بذلت بلدية الشعب جهوداً جبارةً في رفع الأنقاض ونقل الركام إلى خارج المدينة،كان كل شيء على مايُرام،التيار الكهربائي كان متوفراً على مدار الساعة، المحروقات كانت متوفرة بشكل جيد،قدمت المنظمات الأجنبية الكثير من فرص العمل لشبابنا وشاباتنا، إلى جانب مؤسسات الإدارة الذاتية”.

بدأت أزمات اقتصادية وخدمية تظهر خلال أعوام قليلة مضت،ترافق ذلك مع هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وتقلصت فرص العمل بعد شن تركيا عملية عسكرية على مدينتي كري سبي/ تل أبيض وسري كانيه/ رأس العين الحدوديتين عام ٢٠١٩.

يشير”جلو” إلى أن المنظمات الأجنبية غادرت مدينة كوباني الحدودية بسبب تهديدات تركيا المستمرة لشن هجوم عسكري عليها،وتوجهت هذه المنظمات إلى مدن الداخل مثل الرقة والحسكة، وبذلك خسر عشرات الشبان والشابات وظائفهم ورواتبهم التي كانت تصرف في خدمة مدينتهم”.

ويضيف:”كان لدينا إذاعات بوظائف متعددة لخدمة المدينة، توقفت معظمها بعد توقف تمويلها أو نقل مكاتبها، وتقلصت فرص العمل، وتم حصرها في مؤسسات الإدارة الذاتية،وتدهورت الأوضاع الاقتصادية، كما تراجعت الخدمات حتى باتت مدينة كوباني تفتقر لأدنى مقومات الحياة”.

ويضطر”جلو” للعمل في مدينة الرقة السورية بعد توقف مكتبهم في كوباني،حاله حال مئات الموظفين الذين انتقلوا للعمل في الرقة والحسكة،بعد أن غادرت المنظمات والمؤسسات التي كانوا يعملون فيها من كوباني.

ووصف”جلو” مدينة كوباني بـ”المدينة المنسّية” لتهمشيها خدمياً واقتصادياً، وأضاف:”بات تفكير كل مواطن من كوباني ينحصر في الحصول على بضعة لترات من المحروقات،أو بساعتين من الكهرباء لقضاء أعماله المنزلية”.

ويتَّفق”حبش” مع “جلو” بأن أعداداً كبيرة من الفئة الشابة هاجرت المدينة، ومازالت موجة الهجرة مستمرة لتدنّي الخدمات وانعدام فرص العمل، والتهديدات التركية المستمرة لاجتياح المدينة، وقصفها العشوائي للسكان والمنشآت الخدمية.

ويضيف”حبش” بأن “الحركة العمرانية توقَّفت في المدينة للأسباب المذكورة، كما أن انخفاض الإنتاج الزراعي خلال العامين الفائتين ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة الاقتصادية الراهنة،ناهيك عن ضعف رواتب الإدارة الذاتية التي لا تسد إلا جزءاً بسيطاً من احتياجات موظفيها، بعد أن شهدت الليرة السورية انخفاضاً كبيراً في قيمتها أمام الدولار الأمريكي”.

ويطالب”جلو” الإدارة الذاتية بدعم مشاريع اقتصادية تخدم المدينة وتخلق فرص عمل لسكانها، إضافة إلى تحسين الخدمات من الكهرباء والإنترنت والمحروقات كما في المدن الأخرى في مناطق شمال وشرق سوريا،وكذلك رفع رواتب الموظفين بما يتلاءم مع الوضع المعيشي في المنطقة.

إعداد التقرير: شيرين تمّو

زر الذهاب إلى الأعلى