تقارير

حلب.. التعليم الحكومي “غارق في الفوضى” والخصوصي بات “حكرا للأغنياء

تحاول نورا العبد الله /35/عام جاهدةً، ان تعوض الفاقد التعليمي لابنتها هديل، التي تقضي يومها الثالث في مدرستها من دون دروس ، فهديل الطالبة في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة حكومية في حي سيف الدولة في حلب، غابت معلمتها فجأة وتأتي مدرستها لتجلس هي وزملائها في الفصل الدراسي دون أي تعليم.

تقول نورا لمنصة مجهر: “التعليم الحكومي يسير من سيء لاسوأ ابنتي في الصف الثالث، وهي بالكاد تستطيع أن تعرف اساسيات التعلم من حروف وأعداد “.

وتضيف: “المنهاج بحاجة  لجهود تعليمية إحترافية تناسب كل التلاميذ وتراعي مستوياتهم العقلية والإجتماعية، وهذا غير متوفر بالمدارس الحكومية، فأعلى مستوى تعليمي هو شهادة إعدادية لذلك ابذل كل جهدي لكي تستطيع إبنتي إستيعاب واجباتها  المنزلية ودروسها التي لاتقدر على استيعابها من مدرستها

وتؤكد نورا العبدالله في حديثها أن “المعلمين يتغيبون بشكل متكرر وهم بالكاد يعطون الطلاب بضعة دروس على مبدأ الحضور وفض العتب”.

وتابعت بالقول: “لو كنت امتلك أقساط المدارس الخاصة لنقلت ابنتي الى إحداها لكن الأوضاع الإقتصادية لا تسمح لنا بتأمين الخبز فكيف لنا أن ندفع تلك الأرقام الكبيرة للتعليم الخاص”.

وأجبرت الظروف الإقتصادية مدرسين كثر لترك مهنتهم، والتوجه لإعمال حرة، وخصوصاً أن الموظف الحكومي بات لا يتقاضى أجراً يزيد عن 20 دولار شهرياً وفقاً لتقديرات.

وعلى الرغم من سوء الواقع التعليمي في المدارس الحكومية، إلا أن معظم السكان في مدينة حلب غير قادرين على إرسال أبنائهم للمدارس الخاصة.

نهاد القبانجي /45/عام صدمته أسعار المدرسة الخاصة التي حاول تسجيل إبنه وإبنته فيها ، فسنوياً يحتاج كل طفل الى أربعة ملايين ونصف وهي أرقام تفوق تحمل وقدرة الرجل الذي يملك متجراً  صغيراً لبيع المواد الغذائية في حي الحمدانية في حلب

يقول نهاد لمنصة مجهر: “ابنتي في الصف الخامس وأخيها بالصف الثاني الابتدائي ، وهما يعانيان من تراجع كبير في المستوى الدراسي ، طبعاً السبب يعود للفشل الكبير في المنظومة الدراسية في المدارس الحكومية ، وأنا لم استطع نقلهم للمدرسة الخاصة بسبب المبالغ الكبيرة فهي بالملايين ، واحتاج الى تسعة ملايين من أجل تسجيلهم وقبولهم في المدرسة ، لذلك بقو لدى الحكومة”.

ويضيف نهاد: “طبعاً لا أظن بأن المستوى التعليمي للأولاد سيتحسن ، في ظل منظومة تعليمية حكومية متعبة وأنا هنا لا ألوم المعلمين ، بل ألوم الحكومة فهي لاتهتم بمدارسها بحيث ترفع من مستويات التعليم ، فلو اخذ المدرس او المدرسة لدى الحكومة أجر كافي لَطالبناه بجهد مضاعف، ولكن التعليم يتجه للفشل بسبب إهمال دور المعلم وتهميشه ،على عكس المدارس الخاصة التي تمنح اجور مقبولة لكوادرها التعليمية”.

وتشهد مدارس سيطرة الحكومة السورية تهميشاً كبيراً إذ أنها وعلى خلاف قلة الاهتمام بمدرسيها، تفتقد المدارس للخدمات الأساسية، وبات أغلب المدارس تعتمد على “الفزعات السكانية” لتأمين احتياجاتها الأساسية وخصوصاً من ترميم المرافق الاساسية وتأمين مواد التدفئة.

ويقول المدرس المتقاعد يوسف عساف  /55/عام  من سكان حي سيف الدولة في حلب، لمنصة مجهر: “هناك فرق شاسع بين التعليم الحكومي المترهل والتعليم الخاص في حلب، فالتعليم الخاص يولي إهتمام كبير للطلبة والمعلمين ووسائل التعليم الى جوانب ترفيهية بمضامين تعليمية، ترفع من سوية المتعلمين فيها بشكل كبير، أما التعليم الحكومي عبارة عن تعليم يسير وفق روتين ممل للطلبة وحتى للمعلمين”.

ويضيف المدرس المتقاعد: “المشكلة هو أن التعليم الخاص حكرٌ على الأغنياء والتعليم الحكومي للفقراء، أي أن العلم والشهادات باتت حكراً على من يستطيع الدفع، فمن المراحل الاولى للتعليم الى المرحلة الجامعية هناك تعليم خاص يثبت تفوقه، على تعليم حكومي لازال يتخبط بالفشل ، فحتى المتفوقين وأصحاب العلامات العليا من الشهادات الاعدادية والثانوية هم من خريجي مدارس خاصة”.

ويضيف يوسف عساف: “حتى من يريد التفوق والاستمرارية وهو منضوي ضمن منظومة التعليم الحكومي يحتاج إلى دورات ودروس خصوصية تكلف الكثير من الأموال وهذه الأموال غير متاحة للاغلبية ، أي أن تردي التعليم المجاني ستكون اتساع قاعدة الجهل والبعد عن العلم لأغلب الأهالي ، وهذا لصالح فئة ونخبة قليلة تستطيع تعليم أبنائها في مدارس خاصة أو على الأقل إلحاقهم بدورات تعليمية وجلب مدرسين خصوصيين، لأن التعليم الخصوصي بات أمراً واقعاً في حلب”.

إعداد التقرير: سامر عقاد

زر الذهاب إلى الأعلى