تقارير

“المحسوبيات والإجراءات الكثيرة” تقف عائقا أمام حلم طلبة جامعة دمشق في المنحة الدراسية

لم يقف ضد حلم “رنيم” (اسم مستعار لطالبة سورية) من  إكمال دراستها في جامعةٍ مرموقةٍ خارج البلاد أي  ظرفٍ من الذي اعتاد عليه السوريون، لم يكن المال ولا الجنسية، إنما “المحسوبيات أو الواسطات والإجراءات الكثيرة في استخراج الأوراق الجامعية من جامعة دمشق”.

“رنيم” خريجة كلية العلوم البيئية اختصاص موارد متجددة، استطاعت الحصول على منحة دراسية مدفوعة التكاليف بشكل كامل، واجتازت سلسلةً طويلةً من الامتحانات والتحضيرات باللغتين الألمانية والإنكليزية سمحت لها بأن تحصل على قبولٍ أوليّ من منحةٍ ألمانية، على حد قولها.

وتقول رنيم لـ “مجهر”، “إن استحصال كل الأوراق الجامعية اللازمة للخريجين من جامعة دمشق يستغرق شهوراً طويلةً لم تستطع المنحة انتظارها”، وبسبب تأخرها باستخراج كشف علاماتها خسرت رنيم فرصتها لهذه السنة على الأقل، على حد وصفها.

يبدأ خريجو جامعة دمشق على اختلاف اختصاصاتهم الجامعية بتحضير أوراقهم الجامعية وترجمتها فور تخرجهم من الجامعة, سواءً لأجل العمل داخل الدولة أو التقديم على الوظائف الحكومية أو من أجل السفر.

وبحسب “رنيم” فمنذ أن قدّمت على مصدقة التخرّج قالوا لها إنه عليها العودة بعد شهر ونصف.

وتضيف: “عدت بعد شهرين لكنهم قالوا لي هذه المرة بأنهم يعملون على تسجيل الطلاب وأنه ليس بإمكانهم العمل على استخراج المصدقّات”، وأكدت أنها حصلت على مصدقتها بعدها بثلاثة أشهر كاملة.

بينما الطالبة “جمانة” (اسم مستعار)، وهي خريجة كلية الهندسة المدنية من جامعة دمشق، لم تستطع التقديم على المنحة الهنغارية، وتقول لـ “مجهر”: “حددوا لنا موعداً في الشهر12، وأي طالب  لا يملك مصدّقة تخرّج يرفضونه حتى لو كان يملك إشعار تخرّج”.

وتضيف “الإشعار هو ورقة رسمية نستطيع أخذها من الجامعة مع صدور أسماء المتخرجين، لنقدّم خلالها على الماجستير وغيره في سوريا وهم يعلمون جيداً أن معظم الطلاب لا يستطيعون الحصول على مصدقات التخرج بظرف شهر واحد، إلا إذا كان يملك واسطة”، على حد تعبيرها.

أما “محمد” اسم مستعار لخريج كلية الهندسة الزراعية في دمشق ومقبول في المنحة الهنغارية لسنة 2023 -2024 فيقول : “تأخر استخراج الأوراق بسوريا أمر معروف قبل الأزمة ولا يقتصر على الدوائر التعليمية فقط، وأنا أعمل على أوراق المنحة الخاصة من خلال إجراء التحاليل الطبية واستخراج جواز السفر وغيره, كنت ألجأ للرشاوى على كل ورقة، وعندما لم استطع الاستمرار بتقديم الرشوة، اجتمعت مع جزء من المقبولين تحدث كل منا مع واسطة، وبهذه الطرق استطعنا إنهاء أوراقنا بسرعة”.

الطوابع وكثرة المتطلبات وعدم مركزية الأوراق حملٌ إضافيّ على الطلاب الراغبين باستخراج متطلباتهم، إذ أن الطالب لو أراد استخراج كشف علاماتٍ على سبيل المثال سيضطر للذهاب إلى الجامعة ليأخذ طلباً للكشف ثم إلى المكتبة لشراء الطوابع ويعود إلى الجامعة ويأخذ وصلاً آخر يذهب بعده إلى المصرف العقاري ويدفع 6 آلاف ليرة سورية للنسخة الأولى من الكشف و5 آلاف أخرى عن كل نسخة، يعود بعدها إلى الجامعة حيث يسلم أوراقه وينتظر لمدةٍ تتراوح بين الأسبوع والشهرين ليعود إلى الجامعة ويأخذ كشف علاماته ثم يذهب إلى المكتبة لشراء طوابع أخرى وإلصاقها والعودة إلى الجامعة ووضع الأختام الأخيرة قبل حصوله على الكشف.

وقد تأخذ كل خطوةٍ من هذه الخطوات يوماً أو أكثر وذلك لأنه على الطالب مراجعة أكثر من قسمٍ داخل الجامعة في كل مرة والانتظار.  

أما بعض الطلاب الذين لا يرغبون بالعمل في شهاداتهم فإنهم غالباً لا يستخرجون أوراقهم حتى، إذ يقول “علاء” اسم مستعار لخريج كلية الإعلام لمنصة “مجهر”: “تخرّجت عام 2018، أخذت المصدقة ولم أقدم على الشهادة أو غيرها فأنا لن أسافر، وأعمل بسبب خبرتي لا شهادتي.. ولم تلزمني حتى الآن، حتى المصدقة لم يرها غير أبي”.

من جهتها بدأت جامعة دمشق باستخدام التكنولوجيا لحل مثل هذه المشاكل، عن طريق استخراج الأوراق وغيرها إلكترونياً، غير أن هذه الخطوة كانت ثقيلة على نظام الجامعة الإلكتروني حيث تنهار “سيرفرات” الجامعة المركزية كل فترة ضغط عليها وتعرقل الأمور أكثر، وقد تمتد الأعطال لأكثر من أسبوعٍ كاملٍ، لتعود الشبكات إلى العمل “بجودةٍ رديئة” وفتراتٍ متقطّعة.

إعداد التقرير: أورنينا سعيد  

زر الذهاب إلى الأعلى