تقارير

حلب.. لجوء عائلات لأحياء تسيطر عليها الإدارة الذاتية بداعي العمل وهربا من الخدمة الإلزامية الحكومية

بات حي الشيخ مقصود وجزءٌ من حي الأشرفية اللذان تديرهما الإدارة الذاتية، مقصداً لعشرات الشبان من مدينة حلب، شمال سوريا، في سبيل العمل والاستقرار وهرباً من الخدمة الإلزامية الحكومية.

الحيين الواقعين في شمال مدينة حلب يعتبران ملاذاً آمناً لهؤلاء الشبان الذين يسعون جهدهم للتهرب من الدوريات الامنية والشرطية المنتشرة في مدينة حلب خوفاً من سوقهم للالتحاق بالقوات الحكومية. 

عبد الله حبو 25 عاماً (اسم مستعار)،  من أهالي حي الأكرمية في حلب لم تفلح كل محاولاته في شعبة التجنيد من أجل الحصول على  تأجيل إضافي بعد أن أنهى دراسته الجامعية، فالشاب العشريني بعد أن أنهى دراسة أربع سنوات في كلية الحقوق في جامعة حلب، لم يبق أمامه من مخرج سوى الذهاب للسكن في حي الشيخ مقصود، والعمل هناك في ورشة لتصنيع الالبسة. 

ويقول لمنصة مجهر : “العمل في هذه الورشة لمدة 10 ساعات يومياً أفضل من الذهاب للخدمة الإلزامية التي لها بداية ولكن تعرف متى تنتهي”. 

ويضيف عبد الله : “تواصلت مع أقارب لي مقيمين في حي الشيخ مقصود من أجل تأمين فرصة عمل لي مع سكن فوجودي في مناطق سيطرة الحكومة في حلب بات يشكل خطورة بالنسبة لي فالدوريات الأمنية منتشرة وتقوم بشكل مباغت بتفتيش الشبان وطلب هوياتهم، وسوقهم بشكل فوري لفرع الشرطة العسكرية ومن ثم لثكنات تجمع العسكريين دون حتى أن يتاح لهم إخبار اهاليهم حتى”. 

وتابع بقوله: “هذه الخدمة باتت تدمير لمستقبلنا نحن الشباب فهي قد تمتد لسنوات بكل ماتحمله هذه السنوات من عذابات نفسية وأعباء مالية لا تستطيع أسرتي تحملها، لذلك اخترت اللجوء للحي والبقاء في هذا الحي ريثما أجد حلاً لمشكلة الخدمة العسكرية”. 

وينتشر حواجز أمنية حكومية على مداخل أحياء الشيخ مقصود والاشرفية، تقوم بعمليات تفتيش الداخلين والخارجين من هذه المناطق الى مناطق سيطرة الحكومة، لذلك يلجأ الكثير من الشبان الراغبين بالدخول لأحياء سيطرة الإدارة الذاتية لدفع مبالغ مالية لعناصر أمنية أو متعاونين مع الحواجز الحكومية بغية الدخول دون الخضوع لعمليات تفتيش خاصة للمطلوبين للخدمتين الالزامية والاحتياطية.

نور الدين صباغ 35 عاماً (اسم مستعار) وهو صاحب محل لبيع الموبايل في حي الجميلية في حلب قرر نقل عمله إلى القسم الشمالي من حي الاشرفية التابع للإدارة الذاتية، فالشاب المطلوب للخدمة الاحتياطية ضاق ذرعاً من الأوضاع التي يعيشها في حي الجميلية خاصة وأنه لايمكن له التنقل بسهولة خشبة توقيفه بسبب وجود خدمة احتياطية على حد تعبيره

ويقول “صباغ” لمنصة مجهر: “اضطررت لدفع مبلغ 500 ألف ليرة سورية لشخص من الأمن ليقوم بنقلي إلى حي الأشرفية دون أن يقوم أحد بتفتيشي او مساءلتي على الحواجز المنتشرة على مداخل الحي، فبقائي في حي الجميلية حيث يوجد محلي لبيع الموبايل وصيانته بات خطراً علي، ومن المحتمل أن اُساق إلى الخدمة الاحتياطية بأي لحظة”.

ويرى على أن سوقه للخدمة الإلزامي تعني خسارة عمله وتضرر أسرته التي تتألف من زوجته وابنه إضافة لوالدته وشقيقه الطالب وشقيقته فيما يعتبر هو المعيل الوحيد للأسرة وفقاً لقوله. 

ويضيف بالقول : “أديت خدمتي الإلزامية وتسرحت من الخدمة مطلع العام 2011 ومع ذلك تم طلبي للخدمة الاحتياطية منذ عامين، لم أجد وسيلة سوى اللجوء إلى مناطق الإدارة الذاتية فهنا سأتمكن من العمل بأريحية دون ضغوط أمنية ومخاوف من السوق الإجباري للخدمة العسكرية الاحتياطية”.

أما عبد الحميد الناشف 55عاماً فقرر بيع منزله في حي الخالدية وشراء منزل في حي الشيخ مقصود، فالرجل الخمسيني تم طلب ابنه الكبير للخدمة الإلزامية وهو لايريد إرساله بهذه “الظروف العصيبة”، على حد وصفه.

ويقول “الناشف” لمنصة مجهر: “أعمل سائق تكسي أجرة  وابني الأكبر محمود يعمل في  ورشة لتصنيع الأحذية، عملي وعمل ولدي بالكاد يكفي لسد رمق أسرتي المكونة من 8 أفراد أغلبهم من الصغار فسوقه للخدمة الإلزامية يعني أن نتضور جوعاً فلا قدرة لي على تحمل تكاليف خدمته وكفاية الأسرة”. 

ويضيف: “لذلك فضلت أن انتقل للعيش في حي الشيخ مقصود وتأمين عمل لولدي خوفاً من أن يساق للخدمة الإلزامية بشكل مفاجىء”. 

ويقول إن “الحياة في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية تتمتع بالاستقرار وهناك نشاط اقتصادي واضح أفضل مما يوجد في مناطق سيطرة الحكومة في حلب”. 

إعداد التقرير : سامر عقاد  

زر الذهاب إلى الأعلى