تقارير

النساء حجر أساسٍ في حراك السويداء

“لم أربّي ابني ليسافر”، لافتةٌ رفعتها إحدى الأمهّات في ساحة السَّير/الكرامة في السويداء التي تشهد أكبر اعتصام شهدته المحافظة منذ عام 2011، وواحدة من أهم المواقف التي تشارك فيها نساء محافظة السويداء في الحراك الشعبي المطالب بالتغيير.

رموزٌ حاضرةٌ

فبينما تنادي والدة أول “ضحية من ضحايا الحكومة السورية” من محافظة السويداء “مجد هيثم زين” الذي فقد حياته على يد قوات الأمن العسكري في ساحة الاعتصام، مع عشرات النساء بأن “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد” و “ارحل ارحل يا بشّار”، وترفع لافتةً كتب عليها “هيثم زين.. لن ننساك”؛ يتعالى صياح الرجال من حوّلهن “الله محيي الحرائر”.

https://www.facebook.com/reel/1036009454059474

“هفرين خلف” أيضاً كان اسمها يعلو في صيحات نساء السويداء وعلى يافطاتهن، وهي الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، التي فقدت حياتها على الطريق الدولي (M4) على يد الفصائل التابعة لتركيا يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

كما تمّ رفع أسماء العديد من الشباب والشابات في المهجر أو في السجون إلى جانب أسماء الضحايا، تأكيداً على استمرار وجودهنّ/م مع الحراك ولو معنوياً من جهة، ومطالبةً بالإفراج عن المعتقلين منهم من جهة أخرى، وتخليداً لذكرِ من فقد حياته، مرةً أخرى.

التنوّع النسوي والتأييد الرجولي

ليس التواجد النسوي فقط ما يميّز الحراك في السويداء اليوم، بل امتدَّ هذا التواجد ليشمل كل النساء؛ نساءٌ بلباسهن الديني، أمهاتٌ، شاباتٌ، وقاصرات اجتمعن اليوم في الساحة ليطالبن بحقوقهن ويجعلن أصواتهن عالية، وفي هذا تقول الشابة يارا “اسم مستعار”: “سُميت نساء السويداء بالحرائر، والحرائر جمعُ حرّة، وذلك لأننا لا نرضى بالذل والإهانة، ولا نقبل بالطغيان، لذا اليوم نخرج لنطالب بحريتنا، والحرّة لا تنتظر حرّيتها بل تأخذها بالقوة”.

ومن جهته يقول أحمد، “اسم مستعار” عن أهمية الإضاءة على الحركة النسوية ودورها في الحراك: “ساحة الكرامة يسودها جوٌ من الألفة والحس الإنساني المميز، نحن اليوم نقول لا بوجه أخطر منظومة ديكتاتورية عرفها التاريخ.. نقول لا برفقة أمهاتنا وأخواتنا وحبيباتنا اللواتي سيبقين حجر أساسٍ في أي تغييرٍ إيجابي في البلاد.. وجود نسائنا اليوم في الساحات أكبر دليل على كونهن حرائر، وكونهن قادراتٍ على صنع التغيير، ووجب علينا جميعاً دعم هذه المشاركة لأنها أملنا بسوريا علمانية وديمقراطية وحرة”.

“طالعاتٌ سورياتٌ”

بالتزامن مع الحراك؛ نشأ حراكٌ نسويٌّ سياسيٌّ داخلي ٌ سُمّي بـ”طالعات سوريّات”، هدفه صنع التغيير الديمقراطي والسياسي في سوريا، ويشجّع على مشاركة النساء في كافة مفاصل التغيير السياسي، وذكر في بيانه الأول: “سنكون على أتمّ الجاهزية للتنسيق مع النساء السوريات رقمياً وعلى الأرض، بما لا يتعارض أو يهدد أمن وسلامة أي امرأة سورية للقيام بحملات رقمية ووقفات واعتصامات سلمية، نحمل فيها قضايانا المحقّة التي لا تتجزأ ولا تنفصل عن المطالب في الساحات، وندعو جميع السوريين والسوريات للمشاركة معنا ضمن الساحات والسعي لإحداث التغيير الديمقراطي القائم على العلمانية والمواطنة المتساوية”.

كما أكد حراك “طالعات سوريات” على أنه “أنّه لن يكون هناك تغيير سياسي واجتماعي واقتصادي حقيقي في سوريا من دون إنصاف وإشراك النساء فيه”.

وفي الساحة انتشرت لافتاتٌ تحمل هاشتاغ “#طالعات_سوريات”، وهي حملة مطالبات بالإفراج عن المعتقلات والحُرّيّة و”إسقاط النظام”، وقد كتبت إحدى النساء على لافتةٍ ترفعها “طالعات سوريات مع الحراك؛ لأننا نولد من أمهاتٍ مناضلاتٍ وناجياتٍ.. طالعات نسقّط النظام.. طالعات نوقف بالساحات”.

ليس في الحراك فحسب

 لم تكن المرأة السورية عموماً بمنأى عن آثار الحرب السورية، بل كانت جزءاً لا يتجزأ منها، فهي ربّت أطفالها بعد فقدان زوجها، واضطرت للعمل في المنزل وخارجه لتأمين مستلزمات عائلتها، تهجّرت ونزحت وجُرحت وتأذَّت عاطفياً وجسدياً وأحياناً كثيرةً جنسياً. كذلك “تحمّلت جزءاً كبيراً ومهماً من المعاناة، وإشراكها في عملية التغيير ونزولها إلى الساحات للمطالبة بحقوقها ليس رفاهيةً ولا خياراً ثانياً ليبرالياً، بل واجبٌ عليها، لأنهم أقحموها في الصراع، وعليها أن تقحم نفسها في الحل أيضاً.. نحن لسنا طرفاً ثانوياً؛ بل ركنٌ أساسيٌ لا تسير دونه أي عملية تغييرٍ بشكلٍ فعّال”، بهذا القول تلّخص الناشطة النسوية حنين “اسم مستعار” مشاركة النساء في السويداء اليوم، مشددةً على أنه ضرورةٌ لا رفاهية.

زر الذهاب إلى الأعلى