قصص

كيف سترد أميركا على استهداف قواتها في الأردن؟ وهل تتجه المنطقة نحو حرب؟

روبين عمر – مجهر

يرى محللون سياسيون أنه لا يوجد مكان آمن للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما أن الضربات التي استهدفت القوات الأميركية في الأردن، تزيد من مخاطر التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، اللتان تدخلان الآن منطقة مجهولة مع سقوط قتلى بين أفراد أميركيين. ومن الممكن أن تتجه المنطقة نحو حرب كبيرة قادمة.

بعد الحرب الإسرائيلية في غزة، والاستهداف المتكرر لإسرائيل على الفصائل الإيرانية المتواجدة في سوريا، اشتعلت منطقة الشرق الأوسط بالنزاعات والمناوشات الجانبية، وازدادت وتيرة الهجمات على القواعد الأميركية سواءً في سوريا أو في العراق، وحسب ما صرح المسؤولين الأميركيين، “فقد تعرضت قواعدهم في سوريا والعراق لأكثر من 160 هجوماً، وآخر هذه الهجمات كانت على قاعدتهم في الأردن، حيث قُتِلَ ثلاثة جنود أميركيين وأصيب أكثر من أربعين متواجدين في تلك القاعدة.

“تهديد متعدد الجنسيات”

 قال  السياسي الأميركي ومدير برنامج بناء السلام وحقوق الإنسان في معهد دراسة حقوق الإنسان جامعة كولومبيا، ديفيد فيليبس لمنصة مجهر أنه لا يوجد مكان آمن لقوات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. مضيفاً أن “الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران تتحول إلى تهديد متعدد الجنسيات، مما يتحدى وجود الولايات المتحدة في المنطقة. يمكن للولايات المتحدة إما الانسحاب وترك الملعب للميليشيات، أو يمكنها تعزيز التواجد العسكري وشن ضربات ردعية ضد الجماعات المعادية المعلنة للولايات المتحدة”.

وأشار إلى أن الحكومة العراقية لا ترغب في اتفاقية حول وجود القوات الأميركية، لكن الكرد سيكونون مرحبين بوجود القوات العسكرية الأميركية. 

ونوه أنه يجب على الولايات المتحدة تركيز أصولها العسكرية إقليم كردستان العراق وأن تكون مستعدة لنشر سريع لتنفيذ مهمتها في مكافحة الإرهاب.

وكسابقها قالت كارولين روز، وهي باحثة في معهد “نيو لاينز” لمنصة مجهر، إن الضربات التي استهدفت القوات الأميركية في الأردن تزيد من مخاطر التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، اللتان تدخلان الآن منطقة مجهولة مع سقوط قتلى بين أفراد أميركيين. 

وأشارت أن الولايات المتحدة تواجه الآن رداً مباشراً أو غير مباشر على الميليشيات المتحالفة مع إيران، وهو الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى ضربات إضافية “وربما قاتلة” ضد المنشآت الأميركية، وفقاً لـ”روز”.

وبالرغم من إعلان ما تسمى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” الذين تبنوا الهجوم على البرج الأميركي في الأردن، تعليق هجماتهم على القوات الأميركية، إلا أن الحكومة الأميركية تتوعد الميليشيات الإيرانية بحسب وصفهم بـ”هجمات قوية”، كما ويتوعد بعض السياسيين الأميركان بمعاقبة إيران أيضاً.

“صفيح ساخن”

يقول أحمد عكاش، وهو محلل سياسي لمنصة مجهر، إن “مع كل هذه الأحداث الساخنة تحدثت بعض الجهات الإعلامية في أمريكا عن “نية البنتاغون سحب قواته من سوريا”، ولكن أغلب المسؤولين الأميركيين نفوا صحة هذا الخبر، فقد صرحت نائبة وزير الخارجية الأمريكي “فيكتوريا نولاند”، عن أن “أميركا لا تنوي الانسحاب من سوريا”، ولكن يبقى السؤال “هل بالفعل تنوي أميركا الانسحاب من سوريا والعراق؟”،وأنه حسب تصريحات بعض السياسيين الأميركان بأن “وجود أميركا في سوريا لم يعد ضرورياً، وخاصة أن داعش قد تقهقرت، وأن دعم قوات سوريا الديمقراطية للتصدي لداعش كافي”.

ويرى السياسي، أن أميركا لن تسحب قواتها من سوريا والعراق، ولكن وبسبب الهجمات المكثفة على قواتها تريد إعادة انتشار وتموضع لقواتها، وقد أكد الكثير من القادة الأميركيين بأن “داعش تنمو من جديد ولا تزال تشكل خطورة كبيرة، واستمرار مكافحتها هو ضمان لعدم عودتها”.

وأبدى عكاس اعتقاده أن هناك “حرباً كبيرة قادمة” إلى المنطقة، خاصة بعد الهجمات الأميركية- الإنكليزية على قوات الحوثيين في اليمن، وبهذا الصدد فقد صرحت وزارة الدفاع البريطانية، “نحن مستمرون في العمل مع أميركا لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”، بحسب كلامه.

ويضيف “عكاش”، أنه “متى تحدث الأميركان والإنكليز عن الاستقرار أو عن السلام فاعلم أن هناك حروباً كبيرة ستبدأ، وحشدهم للقوات وزياراتهم المكوكية-السرية أغلبها لعواصم دول المنطقة أكبر برهان.

وأوضح عكاش، أن الهجوم الأخير على تلك القاعدة جعل الحكومة الأميركية تعقد اجتماعات طارئة وازداد الضغط على حكومة “بايدن” في الرد الأميركي على إيران والفصائل الموالية لها، لأن الأميركيين يعتبرون ذلك الهجوم هو بأمر حكومة طهران، رغم نفي الأخيرة هذه الاتهامات.

وختم “عكاش” حديثه لمنصة مجهر، قائلاً: “سوريا والعراق لا تشبهان أفغانستان حتى ينسحب منها الجيش الأميركي كما حصل، لأن هناك مصالح استراتيجية أميركية-إنكليزية-إسرائيلية في المنطقة، ولن تترك أميركا الساحة في العراق لإيران وميليشياتها، ولا في سوريا لروسيا وداعش”.

وقال في الختام: “المنطقة تعيش على صفيح ساخن، وبعكس ما يتم نشره من انسحاب أميركي فسيكون هناك تكثيف للقوات الأميركية في المنطقة سواء في البر أو في البحار، وأيضاً سيكون هناك إعادة تنظيم جديدة لتموضع القوات الأميركية في سوريا والعراق، وستزداد وتيرة الحروب يوماً بعد يوم”. 

الهجمات التركية تُعّقد المشهد الأمني

وتقول كارولين روز، أن الولايات المتحدة تعارض بشدة احتمال شن المزيد من الهجمات التركية على شمال شرقي سوريا، سعياً لتحقيق الاستقرار في المنطقة الذي يفضي إلى العمليات المستمرة لضمان هزيمة داعش في المنطقة.

وتضيف أن العمليات التركية في المنطقة أدت إلى تعقيد المشهد الأمني المشحون بالفعل مع استمرار هجمات الميليشيات المتحالفة مع إيران ووجودها. معتقدة أن الولايات المتحدة ستسعى إلى إجراء محادثات عبر القنوات الخلفية مع تركيا. 

ويشير فيليبس إلى أنه “يجب على الولايات المتحدة عدم التخلي عن قوات سوريا الديمقراطية الذي قاتل أعضاء قواته بشجاعة ضد تنظيم داعش.

وأضاف: “لقد فقد ما لا يقل عن 12,000 عضو لحياته في قوات سوريا الديمقراطية، وأصيب 25,000، ولا يمكن للولايات المتحدة التغاضي عن مسؤولياتها في المنطقة”.

وينوه أن خفض الوجود الأميركي سيؤدي إلى زيادة الهجمات المكثفة وضعف القيادة الأميركية في الشرق الأوسط، وهي منطقة تمتلك الولايات المتحدة مصالح كبيرة فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى