تقارير

الأمم المتحدة تحذر: التصعيد في سوريا وشيك ويفاقم هشاشة الاستقرار

حذرت نائبة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، من أن البلاد “لا تستطيع تحمل موجة أخرى من عدم الاستقرار”، مشيرة إلى أن مخاطر التصعيد في المنطقة ليست افتراضية بل وشيكة وشديدة، وقد تقوّض التقدم الهش نحو السلام والتعافي في سوريا.

جاء ذلك في إحاطة عبر الفيديو قدمتها رشدي خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في سوريا، حيث أعادت التأكيد على إدانة الأمين العام لأي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، ودعوته إسرائيل وإيران إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس.

وأكدت رشدي أن المبعوث الخاص يشعر بـ”قلق عميق ومتزايد” إزاء العواقب المحتملة لأي تصعيد إضافي، ليس فقط على مستوى الإقليم، بل على سوريا بشكل خاص.

لقاءات بنّاءة في دمشق وبيروت

أشارت رشدي إلى لقاءات أجراها المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون في دمشق، بالإضافة إلى زيارة أجراها إلى بيروت مؤخرا، ووصفتها بأنها “اتسمت بنبرة بناءة وتعاونية”.

وأضافت أن هناك اهتمامًا خاصًا بالخطوات التالية في العملية الانتقالية، وبالتنسيق مع اللجان المنشأة حديثا المعنية بـالعدالة الانتقالية والمفقودين.

كما رحبت رشدي بـالمرسوم الرئاسي الأخير المتعلق بتعيين لجنة عليا لانتخابات مجلس الشعب، معتبرة إياه متماشيا مع الإعلان الدستوري.

المرأة السورية تطالب بتمثيل مؤثر

ولفتت رشدي إلى التواصل المستمر مع طيف واسع من السوريين، بينهم نساء ونشطاء مجتمع مدني.

ونقلت عن النساء السوريات تأكيدهن على السعي نحو تمثيل أكبر في المناصب القيادية، ورغبتهن في لعب دور فعّال كمرشحات ومندوبات في العملية التشريعية المقبلة.

كما شدّدت النساء على أهمية العدالة والمساءلة، الشمولية، حماية الحقوق الفردية، والإجراءات القانونية الواجبة، بحسب ما أوردته المسؤولة الأممية.

المجتمع المدني شريك في المصالحة

ورحبت رشدي بدور المجتمع المدني في ترسيخ السلم الأهلي، داعية السلطات الانتقالية إلى إجراء حوار شامل مع منظمات المجتمع المدني، بهدف تعزيز التماسك الاجتماعي، مكافحة خطاب الكراهية، ودعم المصالحة بين المجتمعات.

شمال شرق سوريا: فرصة تاريخية

تحدثت رشدي عن اتفاق 10 آذار/مارس في شمال شرق سوريا، واصفة إياه بأنه “فرصة تاريخية لحل إحدى القضايا الرئيسية العالقة” واستعادة السيادة ووحدة البلاد.

كما أشادت بالتقدم في مجال التعليم وتسجيل الطلاب للامتحانات تحت إشراف وزارة التعليم المؤقتة، وبـعمليات تبادل المعتقلين وعودة عدد من العائلات من مخيم الهول إلى شمال غرب سوريا.

العنف مستمر في عدة مناطق

ونبهت رشدي إلى استمرار حوادث العنف المتفرقة في حمص وحماة والمناطق الساحلية، بما فيها القتل، الاختطاف، وانتهاك الحريات الفردية.

كما أشارت إلى هجوم إسرائيلي جديد على جنوب سوريا، شمل قصفاً مدفعياً وغارات على مواقع عسكرية، وذلك رداً على إطلاق صواريخ من الجانب السوري على الجولان.

وأكدت: “هذه الهجمات غير مقبولة ويجب أن تتوقف. ينبغي احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها”، داعية إلى جعل الدبلوماسية أولوية.

الوضع الإنساني: 75% من السكان بحاجة للمساعدة

وفي إحاطة موازية، قالت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، إن ثلاثة أرباع السكان ما زالوا بحاجة للإغاثة، رغم الانخفاض النسبي في الصراع.

وأوضحت أن أكثر من 7 ملايين نازح لا يزالون بلا مأوى، رغم عودة 1.1 مليون نازح داخلي ونحو نصف مليون لاجئ خلال الأشهر الستة الماضية.

وحذّرت مسويا من استمرار خطر الذخائر غير المنفجرة، التي أودت بحياة 414 شخصًا وأصابت حوالي 600 منذ كانون الأول/ديسمبر، بينهم ثلث الضحايا من الأطفال.

أزمات متداخلة: صحة، كوليرا، وجفاف

وأشارت مسويا إلى أن القطاع الصحي يعاني بشدة، حيث يعمل أقل من 60% من المستشفيات، وأقل من نصف مراكز الرعاية الأولية بكامل طاقتها.

كما حذرت من تفشي الكوليرا نتيجة النزوح، انقطاع المياه، والجفاف.

وأضافت أن سوريا تمر بأسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 30 عامًا، ما يهدد بخسارة ثلاثة أرباع محصول القمح، وهو ما يكفي لإطعام 16 مليون شخص لمدة عام، في وقت يعاني فيه أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي.

الأمم المتحدة تحذر: “فرصة قد لا تتكرر”

وأكدت مسويا أن الأمم المتحدة وشركاءها مستمرون في تقديم المساعدات رغم محدودية الموارد، مشيرة إلى الوصول إلى 2.5 مليون شخص شهريًا في الفترة الماضية.

لكنها نبهت إلى أن التمويل ضعيف للغاية، إذ لم يتم جمع سوى 260 مليون دولار – 14% فقط من الاحتياجات.

كما أشارت إلى تعليق عمل 280 مرفقًا صحيًا بسبب نقص التمويل، ما أثر على كافة المحافظات.

واختتمت مسويا بالقول:

“لدينا الآن فرصة سانحة قد لا تدوم. علينا أن نتحرك بحزم لمساعدة هذه المرحلة الانتقالية على تحقيق المستقبل الأفضل الذي ينشده الشعب السوري بشدة”.

زر الذهاب إلى الأعلى