تقارير

منظمة العفو الدولية: الناجون من التعذيب في مراكز الاحتجاز السورية يعانون من غياب الدعم بعد سقوط نظام الأسد

سلط تقرير لمنظمة العفو الدولية، صدر اليوم الخميس الضوء على التحديات التي تواجه الناجون من مراكز الاعتقال في سوريا.

وقال التقرير: “بعد مرور ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، لا يزال الناجون من مراكز الاحتجاز الوحشية، مثل سجن صيدنايا العسكري، يعانون من آثار جسدية ونفسية مدمرة.

هذا في ظل غياب شبه تام للدعم الطبي والنفسي والاجتماعي، مما يهدد عملية تعافيهم واندماجهم في المجتمع.

الناجون من التعذيب يواجهون تبعات جسدية ونفسية خطيرة

التبعات الجسدية:

بحسب التقرير فأن سنوات من التعذيب والظروف غير الإنسانية في مراكز الاحتجاز السورية تركت آثارًا صحية خطيرة على الناجين.

إذ يعاني العديد منهم من أمراض مزمنة مثل السل، مشاكل في العيون والمفاصل والأعصاب، بالإضافة إلى الأسنان المكسورة جراء التعذيب.

كما يحتاج الكثير منهم إلى عمليات جراحية خاصة في الأعصاب والعيون.

التبعات النفسية:

بحسب التقرير فأن الآثار النفسية للتعذيب لا تقل أهمية عن الآثار الجسدية. يعاني الناجون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والعديد منهم يحتاج إلى دعم نفسي عاجل. لكن هذا الدعم لا يزال شبه معدوم في ظل نقص التمويل وانهيار النظام الصحي في البلاد.

التحديات في توفير الدعم: نقص التمويل والموارد

التمويل المتقلص:

مع بداية الإفراج الجماعي عن المحتجزين بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024، توقفت العديد من المنظمات الإنسانية عن تقديم الدعم بسبب تقلص التمويل. مبادرة تعافي، وهي منظمة يقودها الناجون لتقديم خدمات إعادة التأهيل، فقدت 60% من تمويلها بعد تعليق المساعدات الخارجية الأمريكية، ما حدّ من قدرتها على دعم الناجين.

نقص الرعاية الطبية:

على الرغم من أن العديد من الناجين بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية الفورية، فإنهم يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إليها.

وأفاد أحد الناجين بأنه كان بحاجة إلى صورة رنين مغناطيسي بشكل عاجل، لكنه لم يتمكن من إجراء الفحص في المستشفيات الحكومية. وفي ظل غياب الدعم الحكومي، قام الناجون بجمع أموالهم الخاصة للحصول على العلاج.

المطالبة بالمساءلة والعدالة

المساءلة شرط أساسي للتعافي:

أجمع الناجون الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية على أن المسائلة عن الانتهاكات التي تعرضوا لها هي شرط أساسي لعملية تعافيهم.

أكد العديد منهم ضرورة محاسبة المسؤولين عن التعذيب والاحتجاز التعسفي.

قال عبد المنعم الكايد، أحد الناجين: “أول مطلب بالنسبة لي هو محاسبة رؤساء الأفرع الأمنية الذين تاجروا بأرواحنا وابتزوا أهالينا.”

العدالة ضرورية لمنع تكرار الانتهاكات:

في سياق الحديث عن العدالة، أشار أحمد حلمي من مبادرة تعافي إلى ضرورة عدم تكرار ما حدث للناجين: “المرحلة التي عشناها تظل شقفة من تاريخنا الأسود. لكن مع ضمان عدم تكرار ذلك، قد تكون لهذه الذكريات قيمة ومعنى.”

التعويضات: أكثر من مجرد تعويض مالي

تعويضات شاملة:

يشدد الناجون على أن التعويضات يجب أن تشمل إعادة التأهيل الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى الاعتراف بالمعاناة التي مروا بها. يؤكد الناجون أن جبر الضرر لا يقتصر على التعويض المالي فقط، بل يشمل أيضًا رد اعتبار للكرامة الإنسانية. أشار مهند يونس، من مبادرة تعافي، إلى أن العديد من الناجين لا يزالون ينتظرون نصب تذكارية أو أيام وطنية للاحتفاء بمعاناتهم، كما يحدث في دول أخرى.

دور المجتمع الدولي في توفير التعويضات:

دعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى توفير التمويل العاجل لمجموعات الناجين، والجمعيات العائلية، والمنظمات المحلية التي تقدم الدعم النفسي والطبي. وأكدت أن الحكومات المانحة يجب أن تعزز دعمها للمجموعات التي تعمل مع الناجين، بدلًا من تقليص أو وقف المساعدات الخارجية.

ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لتلبية احتياجات الناجين

يواجه الناجون من التعذيب في سوريا تحديات هائلة تتراوح بين نقص الرعاية الطبية والدعم النفسي، فضلًا عن الحاجة الملحة لتحقيق العدالة والمساءلة. في هذه الفترة الحرجة، من الضروري على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لتوفير الدعم اللازم للناجين وضمان أن حقوقهم في التعويض وإعادة التأهيل محمية. بدون هذه الخطوات، ستظل معاناة الناجين مستمرة، وستظل سوريا بحاجة إلى عدالة حقيقية لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى