تقارير

إلهام أحمد تكشف رؤية الإدارة الذاتية لمستقبل سوريا والنظام السياسي وأفق الحوار مع دمشق

في حوار موسع وحصري مع شبكة “روداو” الكردية، تحدثت إلهام أحمد، رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عن واقع الأزمة السورية من منظور الإدارة الذاتية، والتحديات السياسية الراهنة، وعلاقات الإدارة مع الحكومة السورية والدول المجاورة، فضلاً عن رؤيتها المستقبلية للنظام السياسي في سوريا.

وتناولت إلهام أحمد في حديثها العديد من المحاور الأساسية التي تهم الشأن السوري والإقليمي، مع توضيح موقف الإدارة الذاتية بشأن الاندماج في الجيش السوري، والنظام اللامركزي الذي تسعى إليه، ودورها في مكافحة الإرهاب.

الوضع الإنساني والسياسي الراهن

وقالت إلهام أحمد: “الاقتتال الداخلي في سوريا ليس هدفنا حالياً. الوضع هناك مأساوي، وتحدث مجازر بشكل مستمر. لكن سيكون لدور قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية موقع واضح في الحوار.”

وأكدت أن الإدارة الذاتية تمكنت من الحفاظ على أمن مناطقها بدعم التحالف الدولي بقولها :

“حتى الآن، مجتمعنا يمتلك علاقات دولية مع عدة دول أوروبية وأمريكية، خصوصاً فرنسا وألمانيا. نؤمن أنه سيحدث تعبئة عامة بين الكرد والشعب السوري لبناء مستقبل جديد.”

الرؤية السياسية: النظام اللامركزي

وأوضحت إلهام أحمد طموحات الإدارة الذاتية بخصوص النظام المستقبلي:

“نحن نرغب في نظام لامركزي، حيث تكون الصلاحيات المتعلقة بالخدمات كالتعليم والصحة والأمن المحلي واللغة والثقافة مخصصة لكل منطقة حسب خصوصياتها. مثلاً، في شمال وشرق سوريا، يمكن أن تكون اللغة الكردية والعربية لغتين رسميتين، بينما في إدلب قد تكون العربية اللغة الوحيدة.”

وفيما يتعلق بالعلاقة مع دمشق، أوضحت:

“دمشق لا تقبلنا كجهة ذات كيان وطني مستقل، بل تعاملنا كموظفين في الدولة، وتريد السيطرة الكاملة بالقوة. نحن نرفض ذلك، ونتحدث عن اندماج إرادي ضمن جيش موحد يحمي كافة مكونات الشعب السوري، ونؤسس نظام أمني محلي مشترك، بحيث يعيش الجميع في سوريا بكرامة.”

مواجهة اتهامات تقسيم سوريا

وردت إلهام أحمد على الاتهامات الموجهة للإدارة بأنها تسعى لتقسيم البلاد:

“الانقسامات في المجتمع السوري نتيجة المركزية والاحتكار. لو كان المركز يحترم حقوق المجتمع وإرادته لما كان هناك انقسام. منذ سنوات يُقال إن الكرد يريدون تفتيت سوريا، والآن تُقال نفس الاتهامات عن السويداء، لكن لم نسمع من هناك من يطلب تقسيم البلاد.”

وأضافت: “تركيا أيضاً تؤكد رفضها لتقسيم سوريا، مشيرة إلى أن المطالبة بحقوق الشعوب في العيش بسلام لا تعني الانفصال.”

تفاصيل حول النظام اللامركزي والاندماج العسكري

وشرحت إلهام أحمد المقصود بالنظام اللامركزي:

“نريد نظامًا لامركزيًا يوزع صلاحيات الدولة المركزية على المناطق، ليصبح الحكم مدنيًا أكثر. يجب أن تكون الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والأمن المحلي والاقتصاد في يد الإدارات المحلية، مما يتيح لكل منطقة إدارة شؤونها بما يناسبها.”

وعن موضوع الجيش: “المسائل المتعلقة بالحدود والمطارات والهوية الوطنية يجب أن تبقى في إطار المركز، لكن الخدمات واللغة والثقافة يجب أن تكون لامركزية. على سبيل المثال، اللغة الكردية قد تكون اللغة الرسمية مع العربية في شمال وشرق سوريا، بينما في مناطق أخرى تكون العربية هي السائدة.”

وأكدت: “لا نقبل بالاستسلام، بل نتحدث عن اندماج إرادي. قوات سوريا الديمقراطية ستندمج في الجيش السوري، لكن أي جيش؟ سنبنيه معًا، ونؤسس نظام أمني محلي مشترك. كيف نشعر في قامشلو يجب أن يشعر به الناس في حمص واللاذقية، وينبغي تغيير فكرة ‘أنا فقط الدولة’.”

علاقات الإدارة الذاتية مع تركيا

وعن العلاقات مع تركيا، أكدت إلهام أحمد:

“لدينا علاقات غير مباشرة مع تركيا، ونعتبر ذلك مهمًا. رغم وجود خلافات وصعوبات، هناك تواصل نسعى من خلاله لحل المشاكل بالحوار وتجنب التصعيد.”

دور عبد الله أوجلان ومسار السلام

تحدثت إلهام أحمد عن علاقة الإدارة الذاتية بمبادرة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان:

“نتلقى معلومات منه، ومبادراته كانت كبيرة وملهمة، ليس فقط للكرد بل لشرق أوسط بأكمله، وهو يقدم مسار سلام مهم.”

وأضافت: “هناك حوارًا ومفاوضات معه، ومبادراته أسفرت عن نتائج مهمة في شمال وشرق سوريا، وتشكل قاعدة لحل مشاكل كردستان الأربعة.”

المفاوضات مع دمشق

واختتمت إلهام أحمد حديثها بالحديث عن طبيعة المفاوضات وقالت:

“في الاجتماعات، كان واضحًا أن الأشخاص الذين يمثلون الإدارة الذاتية لا يعترفون بهم في حكومة دمشق كموظفين رسميين، بل يرونهم مجرد عناصر يمكن استبدالها. نحن لم نعترف ككيان وطني رسمي حتى الآن، على الرغم من أننا ندافع عن أنفسنا منذ 13 عامًا، وقدمنا تضحيات كبيرة في مكافحة داعش.”

وأكدت: “اتفاقية 10 آذار نصت على ‘الاندماج’، لكن فهمنا للاندماج هو أن تعترف الحكومة بنا ككيان سياسي وإداري مع إرادة شعبنا، وأن تكون هناك رؤية مشتركة لكيفية بناء جيش موحد يدافع عن كل السوريين. لكن الطرف الآخر يفسر الاندماج بطريقة مختلفة، كأن نتخلى عن كل شيء.”

وتحدثت عن دور المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، توم باراك:

“كان حاضراً في الاجتماعات لأول مرة، وحاول دفع بعض القرارات. نحن كنا ننتظر أن نخرج بقرارات واضحة، لكن لم يحدث ذلك بسبب الخلافات حول مفهوم الاندماج.”

وفي الختام قالت: “نحن في حوار مع مختلف الأطراف، ونأمل أن نصل إلى حل سياسي يعترف بحقوق كل الأطراف.”

زر الذهاب إلى الأعلى