التكامل الكردي وأزمة السويداء: مسار سوريا المتعثر

بقلم إيرينا تسوكرمان
لا يزال الصراع السوري، الممتد الآن لأكثر من عقد من الزمان، يُمزّق البلاد على أسس عرقية وطائفية وسياسية. وتواجه محاولات توحيد الحكم في ظل حكومة الوحدة الوطنية السورية عقبات مستمرة، بدءًا من الميليشيات المحلية التي تعمل بحصانة نسبية، وصولًا إلى القوى الإقليمية التي تفرض أجندات متضاربة. في ظل هذه الخلفية المتوترة، سعى تبادل دبلوماسي عُقد مؤخرًا في باريس بين الولايات المتحدة ومسؤولين سوريين إلى رسم مسار نحو دمج المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية في إطار وطني رسمي. حملت المناقشات وعدًا نادرًا بالتقدم، إذ تصورت دمجًا دقيقًا للهياكل المستقلة التي يقودها الأكراد مع مطالبات دمشق بالسيادة، مما يوفر مخططًا محتملًا لتحقيق استقرار تدريجي في واحدة من أكثر مناطق سوريا اضطرابًا.
ومع ذلك، فبعد أيام قليلة من هذه المحادثات، أشعلت عملية الإعدام الوحشية خارج نطاق القضاء لمحمد بحصاص، وهو درزي، داخل مستشفى السويداء الوطني، موجة غضب جديدة. حطم الفيديو الذي يُصوّر عملية الإعدام، التي يُزعم أنها نُفّذت على يد ميليشيات تابعة لحكومة الوحدة السورية، الآمال الهشة، كاشفًا عن التحديات العميقة التي تواجهها دمشق في فرض سيطرتها الفعلية على الميليشيات المتحالفة معها وفي توفير الأمن للأقليات. يقدم هذا التقرير تحليلًا شاملاً لأهمية اجتماع باريس، وتداعيات حادثة السويداء، والعواقب الإقليمية والمحلية المتطورة على المسار السياسي المستقبلي لسوريا.
تتجلى تعقيدات البيئة السياسية والأمنية في سوريا من خلال التطورات المتناقضة التي أعقبت المحادثات الدبلوماسية في يوليو/تموز في باريس ومقتل محمد بحصاص الوحشي في السويداء. مثّل الاجتماع بين المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لحظة أمل نادرة في مشهد ممزق وعنيف. وعلى خلفية الصراع والتشرذم المطول، سعى هذا الانخراط البارز إلى ترسيخ إطار عمل للاندماج الكردي داخل حكومة الوحدة السورية. اتسمت محادثات باريس بمفاوضات شاقة حول بنود عسكرية وسياسية وثقافية، صُممت لمعالجة عقود من المظالم الكردية مع الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها. إلا أن وعود هذه المحادثات سرعان ما قوضت بفعل واقع مقلق للغاية: فقد ظهر فيديو يُظهر مقتل محمد بحصاص، وهو مهندس مدني ومتطوع في مستشفى بالسويداء، داخل ما يُفترض أنه حرم منشأة طبية. وقد أبرز هذا العمل الصارخ من انعدام القانون هشاشة سيطرة دمشق، والمخاطر التي تواجهها الأقليات، والمخاطر الكبيرة التي تواجه الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية في التعامل مع بيئة ما بعد الصراع غير المستقرة والعنيفة بطبيعتها.
انعقد اجتماع باريس بوعيٍ دقيقٍ بالتوازن الدقيق المطلوب لإقناع الفصائل الكردية بالانضمام إلى الساحة السياسية السورية. وضغط توم باراك من أجل خطة اندماج تدريجي، مؤكدًا على معايير تُمكّن قوات سوريا الديمقراطية (SDF) بقيادة الأكراد من الاندماج تدريجيًا في الجيش السوري وهياكل وزارة الداخلية. وأصرّت الحكومة السورية، ممثلةً بالشيباني، على حل سلاسل القيادة العسكرية الكردية المستقلة كشرطٍ للسيادة الوطنية وسلامة أراضيها. وشكّل التمثيل السياسي حجر زاويةٍ آخر في المحادثات، حيث طالب القادة الأكراد بمقاعد مضمونة في المؤسسات الوطنية وحماية الحقوق الثقافية واللغوية، بينما دعت فرنسا إلى ضماناتٍ قويةٍ للأقليات، بما في ذلك الدروز والآشوريين واليزيديين. وعبّر البيان المشترك الصادر في ختام الاجتماع عن التزامٍ مشتركٍ بالتطبيع السياسي، لكنه ترك العديد من تفاصيل التنفيذ غامضةً عمدًا، مما يعكس انعدام الثقة المستمر وديناميكيات القوة المعقدة المؤثرة. ومع ذلك، افتقرت المحادثات بشكلٍ ملحوظ إلى حضور القيادات السياسية والعسكرية الكردية الرئيسية. لم تشارك الهيئات السياسية الكردية الرئيسية ولا القادة العسكريون مباشرةً في مناقشات باريس، مما أثار تساؤلات جدية حول شرعية العملية وشموليتها. وقد أدى هذا الغياب إلى تأجيج إحباط كردي واسع النطاق وشكوك في أن مستقبلهم يُتفاوض عليه من قِبل قوى خارجية دون موافقتهم أو مشاركتهم المباشرة. وقد أعربت العديد من الفصائل الكردية عن مخاوفها من أن هذه الديناميكية تُحاكي سوابق تاريخية مثل اتفاقية سايكس بيكو، حيث تم تهميش التطلعات الكردية لصالح المصالح الجيوسياسية الخارجية. وتحذّر الأصوات الكردية من أن استبعاد قيادتهم يُقوّض الإطار الذي تسعى المحادثات إلى بنائه، ويُخاطر بتفاقم انعدام الثقة تجاه دمشق وشركائها الدوليين. ويُهدد الشعور بالتهميش بزعزعة استقرار الجهود الدقيقة للتكامل، وقد يُشجع الفصائل المُعارضة للتسوية. وقد أُولي اهتمام خاص لوضع الهيئات العسكرية والإدارية الكردية. ودعا فريق باراك إلى تكامل تدريجي يسمح للقوات الكردية بالحفاظ على الأمن الداخلي في مناطقها مع الانتقال إلى قيادة مركزية. ردّ وفد دمشق، مؤكدًا على وحدة السيادة السورية، ومطالبًا القوات الكردية بالخضوع الكامل للقيادة الوطنية ضمن إطار زمني محدد. وفيما يتعلق بالحقوق السياسية، طالب ممثلو الأكراد، بقيادة صالح مسلم وإلهام أحمد، بتعديلات دستورية تضمن الحقوق الثقافية الكردية، والاعتراف الرسمي باللغة الكردية إلى جانب اللغة العربية. أبدت الحكومة السورية حذرها، لكنها وافقت على بعض بنود حماية الأقليات، في حين أكدت فرنسا على ضرورة وجود آليات مراقبة دولية لضمان الامتثال.
تناولت المحادثات أيضًا وضع الأقليات، حيث سلط المسؤولون الفرنسيون الضوء على حماية السكان الدروز في السويداء، والآشوريين في الشمال الشرقي، واليزيديين الذين عانوا معاناة بالغة خلال النزاع. ومثّل هذا توافقًا نادرًا بين مصالح الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة السورية بشأن أمن الأقليات، على الرغم من استمرار الشكوك لدى جميع الأطراف بشأن إمكانية إنفاذ هذه الالتزامات. واتفق الوفدان من حيث المبدأ على إحياء المجالس المحلية والمؤسسات المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، بهدف تعزيز التطبيع السياسي وتقليل الاحتكاك.
ومع ذلك، ورغم حسن النية الدبلوماسية، كشفت المحادثات عن انقسامات عميقة. وظل الممثلون الأكراد منقسمين بين قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، التي تسعى إلى تكامل عملي، وفصيل المجلس الوطني الكردي، الذي أصرّ على اعتراف أوسع بالمعارضة وحكم ذاتي أكبر. وحافظ وفد الحكومة السورية على موقف حازم بشأن إعادة التوحيد، وأعرب عن شكوكه في الروابط الكردية مع الولايات المتحدة وتركيا. وسعت فرنسا إلى موازنة هذه التوترات بالدهاء الدبلوماسي، متخذةً موقفًا محايدًا ملتزمًا بحماية الأقليات والتعددية السياسية. عكس غموض البيان المشترك هذا التوازن الدقيق، تاركًا العديد من القضايا الجوهرية دون حل.
انعقد اجتماع باريس أيضًا في ظلّ الجغرافيا السياسية الإقليمية. فقد أدّت العمليات العسكرية التركية المستمرة ضد الجماعات الكردية، ورفض أنقرة القاطع للحكم الذاتي الكردي، إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية.
أدى مقتل محمد بحصاص في مستشفى السويداء إلى قلب التفاؤل الحذر الذي ساد باريس. فقد وقع مقتله، وسط اشتباكات طائفية في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، داخل مستشفى، منتهكًا بذلك مبادئ الحياد الطبي والقانون الإنساني. كان بحصاص مهندسًا مدنيًا ومتطوعًا في المستشفى، وقد سقط ضحية تبادل إطلاق النار خلال اشتباكات عنيفة اندلعت خلال تصاعد التوترات بين المقاتلين الدروز المحليين والقوات الموالية للحكومة. ويرمز إعدامه المباشر على يد أحد أفراد الميليشيات التابعة لحكومة الوحدة السورية إلى عجز الحكومة المركزية عن فرض الانضباط على قواتها وحماية المدنيين، حتى في المناطق الآمنة المفترضة. لا يزال المجتمع الدرزي نفسه مجزأً سياسيًا، حيث تدين بعض الفصائل بالولاء لنظام الأسد، بينما تسعى فصائل أخرى إلى الحفاظ على استقلاليتها في ظل بيئة أمنية متدهورة. خارجيًا، يحافظ الدروز على روابط تاريخية مع القيادة الدرزية اللبنانية بقيادة وليد جنبلاط والشبكات القبلية في الأردن، وجميعها تراقب الديناميكيات الطائفية المتطورة في سوريا عن كثب. انتشر مقطع فيديو مقتل بحصاص بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الرسائل المشفرة، مما أثار غضبًا داخل سوريا ودوليًا. أثارت الطبيعة المروعة للقطات، التي صُوّرت داخل ردهة المستشفى، إدانة من منظمات حقوق الإنسان وجماعات الدفاع عن الأقليات. سعت وسائل الإعلام الموالية للحكومة إلى التقليل من شأن الفعل أو تبريره من خلال تأطيره كجزء من عمليات مكافحة الإرهاب، بينما ضخمته وسائل الإعلام المعارضة والمستقلة كدليل على إفلات النظام من العقاب. تضمنت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات للتدخل الدولي ومطالبات بحماية أقوى للمدنيين، في الوقت الذي زاد فيه في الوقت نفسه مخاوف الأقليات التي ترى سلامتها في خطر متزايد.
داخل سوريا، كانت التداعيات فورية. ينظر الدروز في السويداء إلى عملية القتل على أنها خيانة عظمى، مما أثار احتجاجات ودعوات لتعزيز قدرات الدفاع الذاتي المحلية. وتشهد الثقة الهشة بين المجتمعات المحلية والحكومة تدهورًا متزايدًا. وتُعرب الفصائل الكردية، التي تراقب هذا التطور عن كثب، عن مخاوفها من أن يُقوّض هذا العنف أسس التكامل السياسي والمصالحة مع دمشق. وتُعيد أقليات أخرى تقييم حساباتها الأمنية، مع تسارع بعضها في اتخاذ خطوات نحو ترتيبات دفاعية محلية أو السعي للحصول على رعاية خارجية لموازنة التهديدات الأمنية. ويزيد من تفاقم هذا الجو المتقلب الحصار المستمر الذي تفرضه حكومة الوحدة الوطنية السورية على محافظة السويداء. فقد أبقت الحكومة على حصار عسكري ممتد على بلدات وقرى رئيسية ذات أغلبية درزية، مما حدّ من وصول السلع الأساسية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية تحت ستار عمليات مكافحة التمرد التي تستهدف الميليشيات المناهضة للحكومة. ويؤدي هذا الحصار إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا، مما يُعمّق الاستياء المحلي ويُؤجج دورات العنف. تعمل المستشفيات تحت ضغط شديد، ويؤدي نقص الغذاء والدواء إلى معاناة واسعة النطاق، ويتزايد نزوح المدنيين. تُفاقم هذه العملية التوترات الطائفية وتُقوّض ادعاء الحكومة بحماية الأقليات، مما يُلقي بظلال من الشك على استعداد دمشق أو قدرتها على ضمان الحقوق الأساسية.
يُمثّل هذا الحصار، المُستمرّ مع تداعيات مجزرة البحصاص، تناقضًا صارخًا مع الخطاب التصالحي لمحادثات باريس. فبينما تسعى الدبلوماسية الرسمية إلى إشراك الأكراد وحماية الأقليات، تعكس الحقائق على الأرض قمعًا مُسلّحًا مُستمرًا وتهميشًا للمجتمعات الدرزية. يُقوّي وجود القوات الحكومية عزيمة السكان المحليين على مقاومة سيطرة الحكومة، ويُكثّف التجنيد في الميليشيات المحلية، ويدفع بعض الفصائل إلى البحث عن تحالفات مع جهات خارجية مثل الشبكات القبلية الأردنية أو الجماعات السياسية الدرزية اللبنانية. كما يُعقّد الحصار الجهود الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية، ويُجبرها على الموازنة بين الدعوات إلى وصول المساعدات الإنسانية وحماية الأقليات من جهة، والمطالب الأمنية للحكومة السورية وأولوياتها الاستراتيجية من جهة أخرى. إن مقتل بحصاص والحصار المستمر من شأنه أن يولد عدة مسارات محتملة لاستقرار سوريا الهش:
السيناريو الأول: مساءلة الحكومة والمصالحة
تستجيب دمشق للغضب بإطلاق تحقيق موثوق، ومحاسبة المسؤولين، والالتزام بإصلاح شامل لقطاع الأمن. ترفع الحكومة الحصار عن السويداء أو تخففه، وتُسهّل وصول المساعدات الإنسانية، وتُعيد الخدمات الطبية. تترافق هذه الخطوات مع تجديد التواصل مع الأقليات، بما في ذلك الدروز والأكراد، وإعادة تأكيد الحماية، ودمج قوات الدفاع المحلية في الهياكل الرسمية. يعزز هذا النهج الثقة في حكومة الوحدة الوطنية السورية، ويوفر منصةً لإحياء إطار التكامل الذي تم التفاوض عليه في باريس. تكتسب الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية زخمًا متجددًا، مما قد يُمهد الطريق لآليات مراقبة دولية وتدابير بناء ثقة. تبقى الفصائل الكردية منخرطة في العمليات السياسية، بينما يبدأ الدروز إعادة الاندماج تدريجيًا في مؤسسات الدولة مع تطمينات بشأن الأمن المحلي.
السيناريو الثاني: رد رمزي واستمرار التشرذم
يكتفي النظام بإدانات سطحية، ويفشل في تحقيق مساءلة حقيقية. يستمر حصار السويداء أو يشتد، مما يُفاقم المعاناة الإنسانية والعداء المحلي. لا تزال قوات الأمن مُجزأة وغير منضبطة، مما يسمح باستمرار العنف المحلي. تزداد الأقليات، وخاصة الدروز، اعتمادًا على مجموعات الدفاع الذاتي، مما يُعقّد سلطة الدولة ويقوّض جهود التكامل السياسي. تتزايد خيبة أمل الفصائل الكردية في دمشق، مما يُقلّل مشاركتها في المبادرات الحكومية، ويُعزّز دعوات متجددة للحكم الذاتي أو تحالفات بديلة. تستغل تركيا هذه الانقسامات لتبرير حملاتها العسكرية المستمرة ضد الجماعات الكردية، بينما تتصاعد التوترات الإقليمية. تواجه الجهود الدبلوماسية الأمريكية والفرنسية انتكاسات وسط تصاعد عدم الاستقرار.
السيناريو الثالث: انهيار التكامل وتجدد الصراع
يُشعل مقتل البحصاص والحصار المستمر اضطرابات أوسع نطاقًا بين الأقليات والسكان الأكراد، مما يُحفّز رفضًا أوسع لسلطة حكومة الوحدة السورية. تنهار عملية التكامل السياسي مع انسحاب الفصائل الكردية من المفاوضات، وانخراط المقاتلين الدروز في اشتباكات مفتوحة مع قوات النظام. يتصاعد العنف الطائفي في السويداء وخارجها، مما يُهدد بالانتشار إلى مناطق أخرى للأقليات. وتزداد مشاركة جهات خارجية، مثل تركيا والأردن ولبنان، بشكل مباشر، إما من خلال التوغلات العسكرية أو الدعم بالوكالة للميليشيات المحلية. وتتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل حاد. وتتضاءل احتمالات قيام سوريا مستقرة وموحدة، مما يُبشر بفترة طويلة من التشرذم والصراع.
في هذا السياق، لا يزال غياب القيادة الكردية عن محادثات باريس قضيةً حرجة. تُبرز ردود الفعل الكردية مخاوف التهميش وخطر تحديد مستقبلهم دون موافقتهم. تُشدد الفصائل الكردية على ضرورة المشاركة المباشرة وإشراك جميع المفاوضات السياسية لضمان الشرعية والقبول. إن الشعور بالإقصاء لا يُقوّض الثقة السياسية فحسب، بل يُهدد أيضًا بتشجيع المتشددين المعارضين لدمشق، مما يُعقّد آفاق التكامل السلمي. يُؤكد الممثلون الأكراد علنًا أنه بدون تمثيل حقيقي وضمانات مُلزمة، فإن أي اتفاقات يتم التوصل إليها مُعرّضة لخطر الانهيار وتجدد الصراع.
بالنسبة للدبلوماسيتين الأمريكية والفرنسية، فإن المخاطر كبيرة. تُمثّل محادثات باريس انفتاحًا هشًا نحو التطبيع السياسي وإدماج الأقليات، لكنها عُرضة لانتكاسات عنيفة مثل مقتل بحصاص واستمرار حصار السويداء. يكمن التحدي في ترجمة الأطر الدبلوماسية إلى حماية وتمكين فعّالين للأقليات، مع مراعاة واقع سلوك الحكومة السورية والضغوط الجيوسياسية الإقليمية. إن الحاجة إلى ضمانات أمنية موثوقة، ووصول إنساني، وآليات مساءلة شفافة، أمرٌ بالغ الأهمية للحفاظ على أي تقدم. يكشف إعدام محمد بحصاص داخل مستشفى عن مواطن الضعف المستمرة التي تواجهها الأقليات في سوريا، ويؤكد على الضرورة الملحة لاستقرار الحكم المحلي والترتيبات الأمنية. كما يُبرز الحصار المستمر للسويداء الهوة بين التطلعات الدبلوماسية والواقع الميداني، مما يُمثل اختبارًا حاسمًا لجميع الجهات المعنية الملتزمة بوحدة سوريا وسلامها.
يعتمد مسار مستقبل سوريا بشكل كبير على قدرة حكومة الوحدة السورية على التوفيق بين هذه التناقضات، وفرض المساءلة، وبناء أطر سياسية شاملة تكسب ثقة جميع الطوائف العرقية والطائفية. تُؤكد الأحداث العنيفة في السويداء على الحاجة الملحة إلى حوكمة شفافة وشمول سياسي حقيقي، بينما تُظهر الجهود الدبلوماسية في باريس أن الجهات الفاعلة الدولية لا تزال ملتزمة بدعم سوريا متعددة الأعراق وموحدة. إن كيفية تطور هذه الديناميكيات ستحدد ما إذا كانت سوريا تتجه نحو سلام هش أم نحو مزيد من التشرذم والصراع.