آراء وتحليلاتتقارير

جدل الفيدرالية في سوريا بعد سقوط الأسد

المصدر: موقع الحرة لكاتبها “غسان تقي”

مع دخول سوريا عامها الخامس عشر منذ اندلاع الثورة وسقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ومرور نحو عشرة أشهر على تولي أحمد الشرع مقاليد السلطة ، يطفو إلى السطح نقاش متجدد حول شكل الدولة السورية في المستقبل، وسط مطالب متزايدة من الأقليات بالفيدرالية، مقابل تمسك الحكومة المركزية بدولة موحدة.

الأقليات على خطوط التوتر

في شمال شرق سوريا، يواصل الأكراد إدارة مناطقهم عبر “الإدارة الذاتية”، مستندين إلى موارد النفط وقوات محلية وتجربة مؤسساتية قائمة منذ سنوات.

وتقول الناشطة الكردية زوزان علوش إن “سوريا اليوم مجزأة على الأرض، ولم يعد ممكناً حكمها بنموذج واحد مطلق”، مؤكدة أن اللامركزية ضرورة واقعية.

أما في السويداء جنوباً، حيث يشكل الدروز 3% من السكان، فقد تصاعدت المطالب بالحكم المحلي بعد سلسلة مواجهات دامية مع القوات الحكومية في يوليو/تموز الماضي.

الناشط مالك أبو الخير يرى أن “الفكر الفدرالي يمكن أن يحمي المناطق ويوازن بين المركزية واللامركزية، خصوصاً بعد فشل النظام المركزي في بناء ديمقراطية فعالة”.

وفي الساحل السوري، دفعت المجازر الأخيرة التي طالت أكثر من 1400 مدني علوي وفق الأمم المتحدة، إلى تشكيل “المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا”، الداعي إلى إقامة إقليم فيدرالي يضم طرطوس واللاذقية وحمص وأجزاء من حماة.

ويؤكد جيمس جيفري، المبعوث الأميركي السابق، أن العلويين “يرغبون في الحد من انتشار القوات المركزية بمنطقتهم، ويطالبون على الأقل بإدارة شرطتهم المحلية”.

موقف حكومة الشرع

على الضفة المقابلة، يرفض الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بشكل قاطع أي حديث عن الفيدرالية.

ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلن أن “لا تقسيم لسوريا بأي شكل، ولا فيدرالية”، معتبراً أن “المجتمع السوري غير مستعد لفهم هذا النموذج ويراه مشروع تقسيم”.

الفيدرالية أم اللامركزية؟

النقاش الدائر اليوم يتراوح بين ثلاثة خيارات:

•           النظام المركزي: حيث تسيطر دمشق على كافة مفاصل الحكم والخدمات.

•           اللامركزية الإدارية: منح الأقاليم حق إدارة الخدمات دون صلاحيات سياسية.

•           الفيدرالية السياسية: توزيع الصلاحيات بين المركز والأقاليم مع برلمانات محلية.

ويرى جيفري أن ما يوحد مطالب الأقليات هو “السعي إلى حكم رشيد، وحماية من القمع، وضمان حد أدنى من السيطرة على إدارتها المحلية”.

ويضيف أن الحكومة المركزية لا تزال تملك ورقتين قويتين: الخدمات الأساسية التي يصعب على أي طرف آخر توفيرها، وعلاقاتها الدولية التي تمنع قيام كيانات منفصلة.

احتمالات الحل

يرجّح مراقبون أن الحل قد يكون عبر تفاهمات غير رسمية تمنح الأقليات شعوراً بالسيطرة الجزئية على مصيرها، مقابل استمرار الحكومة المركزية في تقديم الخدمات وضمان وحدة الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى