تقارير

تركيا تستخدم المياه كسلاح في حربها ضد سوريا وفصائل مدعومة منها تنتهج سياساتها

انخفض تدفق نهر الفرات المار من مناطق شمال شرق سوريا إلى أدنى مستوى له على الإطلاق منذ بداية العام الفائت، ما تسبب في أسوأ موجة جفاف منذ عام 1953.

حرب المياه لم تقتصر على نهر الفرات بل طالت نهر الخابور أيضاً، وبواسطة فصائل تدعمها تركيا، أنشأت سدوداً “بدائية” في مناطق سيطرتها لقطع المياه عن مناطق الإدارة الذاتية.

انخفاض كارثي في منسوب الفرات

منذ شهر يناير/ كانون الثاني من عام 2021، اتجهت تركيا لتخفيض حصة سوريا من مياه نهر الفرات، وانتشرت على نطاق واسع مشاهد وصفت بـ”الكارثية” لنهر الفرات. التقارير تحدثت عن الانخفاض الذي وصف بـ”الكارثي والمدمّر” لمياه الفرات، وأرجعت هذا الانخفاض للسياسة التركية في سعيها للانفراد والتحكم بالمياه الدولية.

وأنشأت تركيا /22/ سداً على نهري الفرات ودجلة، بينها /5/ سدود عملاقة على طول نهر الفرات ضمن مشروع ما أسموه بـ”مشروع الغاب”، كما أقامت /20/ محطة للطاقة الكهرومائية على طول نهري دجلة والفرات.

السياسية التركية أدت لانخفاض غير مسبوق في منسوب مياه الفرات بسوريا، ويبلغ الانخفاض في بحيرة سد الفرات شمال شرقي سوريا حالياً ما يقارب من /4/ أمتار ونصف شاقوليّة، يترافق ذلك بانحسار أفقي تعدّى الكيلو مترين من الضفتين، وبانخفاض يقارب الـ /4/ أمتار ونصف شاقولية في بحيرة سد تشرين.

ويعني هذه الانخفاض في منسوب البحيرات “استنزاف كامل المخزون الإستراتيجي والذي تعمل عنده السدود قبل الوصول لـ”المنسوب الميّت”، والذي يعني التوقّف الإجباري للسدود عن العمل تماماً”، وفق ما صرّح به “حمّود الحمّادين” الإداري في سد تشرين لمنصة “مجهر”.

ووفقاً للإداري في سد تشرين؛ فإن “الوارد المائي انخفض بنسبة كبيرة ولمدة طويلة جداً وغير مسبوقة وغير معهودة، مما جعل من السدود تستنزف كامل مخزون البحيرات التي تحجزها خلفها لأمور الري والشرب وتوليد الطاقة الكهربائية”.

مياه الفرات.. تأثير مباشر على توليد الطاقة الكهربائية

ويعتمد 80 % من سكان سوريا على نهر الفرات في تأمين احتياجاتهم المائية، وهو العمود الفقري للمشاريع الكهربائية والخطط التنموية لسوريا.

وكان سد الفرات وحده ينتج ما يقارب من /800/ ميغاواط من الطاقة الكهربائية في الساعة، وتغذي محطة توليد الكهرباء المقامة على سد الفرات معظم المناطق السورية بالكهرباء، إلا أن معدل إنتاجها انخفض في الوقت الحالي إلى أقل من الربع بسبب انخفاض مستوى المياه في بحيرة سد الفرات.

ويقول الحمّادين: ” في سد تشرين بدلاً من العمل لمدة /٢٤/ ساعة، انخفض التشغيل إلى /8/ ساعات فقط، وهذا يعني حرمان أغلب المناطق من التغذية الكهربائية، إذ تصل مدة انقطاع الكهرباء إلى /22/ ساعة يومياً”.

مياه الفرات.. تأثيرات على الزراعة وخروج محطات لمياه الشرب عن الخدمة

تأثير انخفاض الفرات لم تطل الطاقة فحسب؛ بل طالت الزراعة وأثرت على مواطني شمال وشرق سوريا بطرق مختلفة، فوفقاً لـ”حمّود الحمّادين”، فإن “خفض منسوب البحيرات أدى إلى تهديد القطاع الزراعي، بسبب خروج العديد من مضخات الري عن الخدمة”.

وأضاف المسؤول في سد تشرين: “كذلك أثر في الجانب الإنساني بسبب نقص الوارد المائي وتأثيره على مياه الشرب، حيث خرجت العديد من المحطات عن الخدمة”.

وأدى انخفاض منسوب المياه الى توقف جريان السد لمدة /16/ ساعة متواصلة، مما زاد من تركيز الملوِّثات في المياه وأثر سلباً على صحة السكان، حيث أصبحت مياه الشرب ناقلة للأمراض السارية كمرض “الكوليرا” في دير الزور وكذلك على الزراعة وحتى أثرت على الثروة السمكية والحيوانية أيضاً.

تركيا تواصل حربها المائية وتتحكم بمحطة مياه “علوك” التي تغذي الحسكة

حرب تركيا باستخدام المياه لم تقتصر على مياه نهر الفرات فقط، فمنذ سيطرة تركيا على مدينة سري كانيه/ رأس العين، واصلت حربها المائية ضد مناطق شمال وشرق سوريا، فمع سيطرتها على محطة “علوك” التي تغذي منطقة الحسكة وريفها بالمياه، بدأت بقطع المياه عن المدينة ونواحيها بين الحين والآخر.

وتتحجج الفصائل التي تدعمها تركيا أن نقص الوارد المائي هو نتيجة ضعف كمية الكهرباء المغذية لمحطة “علوك” والتي تتغذى من مناطق الإدارة الذاتية، إلا أن “الكمية المغذية للمحطة هي ضعف الكمية المطلوبة”، بحسب ما أفاد به الصحفي، سامر ياسين، لمنصة مجهر.

ويرى الصحفي السوري أن لتركيا أهداف وغايات كثيرة من عملية قطع المياه، وقال :”هي تستخدمها كسلاح للحرب من جهة، ولإجبار السكان الأصليين على التهجير والخروج ضد الإدارة الذاتية من جهة أخرى”.

فصائل تدعمها تركيا تسير على خطا داعميها وتنشئ سدوداً “بدائية” على نهر الخابور

ومع بداية احتلال تركيا لمناطق في شمال وشرق سوريا عام 2019؛ عمدت الفصائل التي تدعمها تركيا لبناء سدود “بدائية” بواسطة آليات بسيطة على نهر الخابور في مناطق سيطرة تلك الفصائل، بهدف منع وصول المياه إلى منطقة تل تمر ومنها إلى الحسكة، وفقاً لما قاله الصحفي “سامر ياسين” من بلدة تل تمر.

من جانبها أكدت “ووأكقالت سمر خليل” الرئيسة المشتركة لمجلس منطقة تل تمر لمنصة “مجهر” على إنشاء الفصائل المدعومة تركيا /4/ سدوداً بدائية على نهر الخابور وبالتحديد في منطقة “المناجير”.

ونوَّهت إلى أن هذه الفصائل تعمل بكافة السبل لمنع وصول المياه لمناطق الإدارة الذاتية.

وأشارت إلى أن قطع المياه أسفر عن نتائج كارثية من نواحٍ عدة؛ أبرزها التسبب بالجفاف وتضرر الأراضي الزراعة، وتوقف الصيد.

دعوات لوقف الحرب المائية التي تنتهجها تركيا

وفي ظل هذه الحرب المائية، تتعالى الأصوات لوقفها وضرورة الاحتكام للقانون الدولي في تقسيم المياه بين الدول المتشاطئة وكذلك دول المنبع، حيث باتت تؤثر على كافة مناحي الحياة بالنسبة لسكان سوريا عامة وشمال شرق سوريا خاصة.

أما محمد أمين النعيمي، وهو حقوقي والرئيس المشترك لاتحاد المحامين في الجزيرة، قال لمنصة مجهر “إن ما ترتكبه تركيا، سواء فيما يخص مياه نهر الفرات أو في محطة علوك، يشكل جريمة ضد الإنسانية، دون أدنى شك، بسبب الضرر الذي لحق بأعداد كبيرة من السكان، فضلاً عن الضرر الذي لحق بالنبات والحيوان”.

إعداد: ملحم المعيشي – مـجـهـر

زر الذهاب إلى الأعلى