تقارير

أكثر من 70% من منشآت منطقة الليرمون خارج الخدمة.. وصناعيون يوضحون الأسباب

خروجها من تحت رُكام الحرب لم يضعها على سُلَّمِ الإنتاج، إذ لاتزال أكثر من /1800/ منشأة صناعية، مابين كبيرة ومتوسطة وصغيرة، واقعة بين مطرقة الدمار الذي أصابها جرّاء المعارك، وسندان الإجراءات الحكوميةالقاصرة.

ذاك هو حال منطقة الليرمون الصناعية شمال مدينة حلب، المنطقة التي تعتبر المركز الأهموالأضخم لإنتاج الأقمشة والألبسة في عاصمة الصناعة السورية، التي شاءت الأقدار أن تجعل منها خط مواجهة ضاري مابين القوات الحكومية وما تُسمّى المعارضة.

إحكام القوات الحكوميةسيطرتها على المنطقة مطلع العام 2020؛لم يُسهم في إطلاق عجلة الإنتاج الكاملةللمنشآت الصناعية التي لاتزال أكثر من 70٪منها خارج قيود العمل، فيما تعاني 30٪المتبقيّة من ظروف اقتصادية صعبة وإهمال حكومي واضح.

عبد الرحمن ملاحفي/45 عاماً، صناعي وصاحب معمل نسيج في منطقة الليرمون، يقول لمنصة “مجهر”: “منطقة الليرمون كانت قبل الحرب الأولى في إنتاج الألبسة والأقمشة، ليس على مستوى حلب فحسب،بل على مستوى سوريا، إنتاجنا الغزير كان يصل للكثير من أسواق بلدان الشرق الأوسط مثل العراق ولبنان والأردن وحتى ليبياوغيرها”.

ويضيف بالقول “لكن للأسف أثَّرت الحرب على معظم المنشآت الصناعية، كبيرها وصغيرها، خاصة وأن أبنية المعاملوالورش تحوّلت لحصون لطرفي النزاع، مما تسبب بدمار هائل بالبنية التحتية، إضافة لتخريب وسرقة ممنهجة طالت الآلات وماكينات الإنتاج”.

“دخول قوات حكومة دمشقإلى منطقة الليرمون وانسحاب مسلحي المعارضة لم يُغيّر من واقعها كثيراً، فلا تزال المنطقة وكأنها تعيش حالة الحرب، بالرغم من جهود الصناعيين لإطلاق عجلة الإنتاج في المنطقة ووضعها على خارطة العمل”، وفق ما أفاد به “ملاحفي”.

وتابع حديثه “الإجراءات الحكومية المتّخذة لم تفلح حتى الآن في تشغيل المعامل والمنشآت، لا على العكس الكثير من هذه المعامل والمنشآت تغلق أبوابها وتوقف العمل”.

ويقول الصناعي الأربعيني:”صناعيّو الليرمون بذلوا جهوداً مضنية وتكلفوا مبالغ مالية كبيرة لكي تخرج الليرمون من عباءة الدمار والإهمال، فبعد دخول القوات الحكومية قبل عامين؛ بادر الصناعيون لصيانة مادمرته الحرب من معاملهم، وتعويض فاقد الآلات والمعدات التي خُرِّبَت أو تَمَّ سرقتها، على أمل أن تقوم الحكومية بصيانة البُنى التحتيّة الأساسية وتأمين مستلزمات الإنتاج، لكن ماحصل هو أننا نصفّق بكفٍّ واحدة والكفُّ الحكوميّة غائبة”.

أما زياد مكّي/60 عاماً،فيصف لمنصة “مجهر” المصاعب التي تواجه المنطقة الصناعية في الليرمون وتدفع أصحابها لإغلاق منشآتهم أو بيعها، ويقول: “معامل وورش الليرمون بحاجة إلى دعم حكومي حقيقي وواقعي وليس تصريحات وحبر على ورق، هذا الدعم يبدأ من دفع تعويضات لأصحاب المنشآت الأكثر تضرُّراً للنهوض بها”.

وأضاف “صحيح أن الحكومة وعدت بهذه التعويضات، لكن لم يستلم أي صناعي أيَّةَ معونة حكوميّة حتى الآن، والتعويض المزمع إقراره لايزال كلام نتداوله بالاجتماعات المتكررة بيننا وبين المسؤولين في غرفة صناعة حلب، ولم يُطبَّق بعد أو يصدر به قرار رسمي”.

وأشار “مكي” إلى أن مطالبهم لا تقتصر على التعويضات، مطالباً الجهات المعنية بتوفير “كهرباء منتظمة”.

وقال: “على الرغم من إقرارها على مدار الساعة للمناطق الصناعية في حلب، لكن لاتتم التغذية سوى لـ/8/ساعات على مدار /24/ساعة، أي أن المنشآت ستضطر لتشغيل مولدات كهربائية تعمل بالديزل،أو البحث عن مصادر طاقة بديلة، وهذا يتطلب تكاليف باهظة، الصناعي غير مضطر لتحملها، خاصة وأن المردود المادي للعمل ضئيل، وبالكاد يَسُدُّ تكاليف الإنتاج”.

ويرى زياد مكي أن الضرائب والرسوم التي تفرضها الحواجز الحكومية والجمارك، سواء للبضائع المنتجَة أو للمواد الأولية المستورَدة، في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية،أيضاً سبب رئيسي لحالات إغلاق المعامل وتوقّف العمل.

بدوره الصناعي محمود دياب/ 44 عاماً، صاحب ورشة خياطة في الليرمون، لم يفلح إلى الآن بتشغيل الآلات ومكنات الخياطة والتطريز التي دفع مبالغ كبيرة لقاء صيانتها وشراء نماذج حديثة منها.

فصاحب الورشة وبالرغم من قبوله للواقع وتغاضيه عن نقص المحروقات وقلة التغذية الكهربائية، وتحمله للرسوم والضرائب،اصطدمبعائق تأمين أيدي عاملة ذات خبرات.

محمود دياب، الذي لايزال يبحث عن كوادر لتشغيل الورشة، يقول إن “العمالة الخبيرة في حلب بحالة استنزاف متواصل”.

ويضيف: “أغلب الشبان ذوو الخبرات غادرواإلى مصر أو تركيا وغيرها من البلدان، بحثاً عن فرص أفضل، أو هروباً من الخدمة العسكرية، ومنهم لايزال في تلك الخدمة ولم يتم تسريحه حتى الآن،فأصحاب الخبرات في التفصيل والحبكة والدرزة تفتقدهم معظم الورش والمعامل في حلب، وإذا استمر استنزاف العمالة وغياب أصحاب المهارات؛ فإن صناعة الألبسة في حلب ستصبح في خبر كان”.

تقرير: سامر عقّاد

زر الذهاب إلى الأعلى