حماة.. صناعة الفخار تتراجع بسبب أزمة المحروقات وسكان يقولون: ربما نستخدم الحجارة
لا يستطيع أي شخصٍ من المارة ضمن الطريق الرئيسي في بلدة “بري” بريف حماة، أن يتجاهل وجود دكان العم “أبو حاتم” الواقع وسط البلدة، لما يحتويه على أعداد كبيرة من الأواني والكؤوس والأكواب والأدوات الفخارية المصنوعة بحرفية وجمالية عالية.
شهرة دكان “أبو حاتم” ازدادت مؤخراً بشكل كبير خاصة أنه الوحيد الذين يمتهن هذه المهنة بالمنطقة، إذ بات يقصده الكثير من الأشخاص من البلدات والقرى المجاورة، بعد غلاء أسعار الأدوات الزجاجية والأواني المصنوعة من الألمنيوم والحديد والبلاستيك بشكل كبير، إذ بات الفخار خيار مناسب للكثير من الأهالي لاستخدامه كبديل عال الجودة ورخيص الثمن وجميل المظهر.
يقول “أبو حاتم” الذي التقت معه منصة “مجهر” الإعلامية أن “أعداد الزبائن التي تقصد محله ازدادت في الفترة الماضية، وانتقل من مرحلة البيع ضمن المحل التجاري الذي يملكه في البلدة، إلى مرحلة التصدير لباقي المناطق”.
لكن هبوب رياح الرجل الخمسيني، التي يعمل على اغتنامها من أصغر ثقبٍ صنعته قساوة الزمن في حياته، إلى أوسع نافذةٍ فتحها بخبرته، بدأت تخمد وتتحول لنسائم لطيفة لا أكثر تخفف من آثار المحرقة الاقتصادية التي تعيشها مناطق الحومة السورية الآن.
إذ يشرح “أبو حاتم” أن “انقطاع الغاز والمازوت والمحروقات، وارتفاع أسعار الخشب والفحم بشكل كبير، بدأ يؤثر جدياً على صناعته، حيث توقفت ورشته الصغيرة لصناعة الفخار لأكثر من أسبوعين، لاختفاء المحروقات اللازمة لإشعال النار وتجفيف الفخار المصنوع”.
ويتابع الرجل الخمسيني، أن “درجات الحرارة المرتفعة في الصيف وأشعة الشمس القوية كانت توفر عليه الكثير من الوقت والمال، حيث يعتمد عليها بتجفيف الفخار واعطائه الصلابة اللازمة للاستخدام، يبقى استعمال الفرن للضرورة وللأدوات الضخمة والثقيلة”.
“أما في الشتاء الذي تكون فيه نسبة الرطوبة عالية، وتغيب فيه الشمس لساعات طويلة، تجبره على استخدام الفرن والمحروقات والكهرباء والاعتماد عليها بشكل شبه كامل، وهو ما أدى لارتفاع أسعار منجاته مؤخراً بشكل ملحوظ بسبب شرائه للوقود من السوق السوداء، والعودة خطوات عدة للوراء وخسارة بعض الزبائن ممن اكتسبهم مؤخراً”.
يحاول “أبو حاتم” أن يحافظ على زبائنه، وتطبيق معادلة التقليل من نسبة الربح مقابل الحفاظ على الجودة ذاتها والسعر المقبول للمشتري، وفق وصفه، معتبراً أن “الظروف الحالية بحاجة للصبر والتحايل للبقاء ضمن سوق العمل”.
ويقول سكان سوريون أن الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بمناطق الداخل السوري، قد يدفعهم لاستخدام الحجارة بدلاً من الفخار، “وتصبح خياراً إجبارياً لا جمالياً لعائلات الداخل السوري، وربما نعود لاستخدام أدوات كانت تعتبر سابقاً أنتيكا ومجرد تحف قديمة لا أكثر”.
