تقارير

بين الغلاء والانقطاع.. السكان بلا دواء في العاصمة دمشق

لأول مرةٍ في حياته، بات أبو حسام الحرون من سكان مدينة السويداء ويقطن في دمشق، يخشى مرض أحد أبنائه “لا خوفاً عليهم بل خوفاً من عدم قدرته على شراء الأدوية لهم”، وفق ما قاله، بينما أم سعيد حمشو من دمشق تتجاهل أوجاع مفاصلها!، رغم أنها تعاني من آلام حادة.

تقول أم سعيد حمشو التي تعمل في محلٍ للإكسسوارات في الجسر الأبيض بالعاصمة دمشق: “أصبحتُ أجبِر نفسي على الذهاب إلى العمل حتى لو كنت لا أستطيع المشي بسبب آلام مفاصلي، وإذا ذهبت إلى الطبيب سيأخذ ربع راتبي وربع آخر من الراتب سيصرف للأدوية.. هذا غير المراجعات والله يستر إن قال إنّي أحتاج لعملية جراحية”

أما هند العطار وهي تعمل مع أم سعيد أيضاً في الجسر الأبيض، فتقول أنها عادت لاستخدام الأعشاب الطبيعية ووصفات الطب البديل؛ “لأنها أرخص” رغم معرفتها بـ “قلة فعاليتها” وبيّنت “أعرف أن الطب تطوّر لكنه أصبح حكراً على الأغنياء، أقول لأم سعيد أن تخلط بيضةً وقليلاً من زيت الزيتون وتلف أماكن الألم، من لا يملك قديماً لا يملك حديثاً وهم يصرون على إعادتنا إلى الوراء!” لكنّ أم سعيد ترد: “أقليها أحسن، على الأقل أشبع.. هل تعرفين ثمن البيض والزيت اليوم؟ أصبحوا أغلى من الدواء”.

من جهته أبو حسام الحرون اشتكى لمنصة مجهر قائلاً: “في السابق عندما كان أحد أطفالي يمرض أو يتعب أسرع به إلى الطبيب، أما الآن فأظل آمره بألا يتدلل ويتحمل حتى أشعر بأنه لم يعد يطيق التحمّل.. إذا التهب بلعومه فقط فإن ظرف الأوغمانتين الذي كان بـ 10 آلاف ليرة بات سعره 21 ألفاً بينما أدوية الرشح العادية تتجاوز الـ 50 ألف ليرة.. أصبحتُ كلما سعل أحدهم أتفقد جيوبي”.

وكانت وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية، أصدرت بداية شهر كانون الثاني الماضي تعديلاً على أسعار الأدوية “بناءً على ارتفاع سعر الصرف وفق نشرة المصرف المركزي لنفس اليوم، لاستمرار توافر الأدوية في السوق”.

وارتفعت أسعار الأدوية بين الـ 50% والـ 100%، فأسعار الكبسولات ارتفعت بنسبة 65% في حين ارتفعت الأدوية المعقمة مثل الأمبولات وقطرات العين بنسبة 100%.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الدواء بشكلٍ مفاجئ؛ غير أنه لم يتوفر بشكل كافٍ في الصيدليات، إذ أن حليب الأطفال مثلاً شهد انقطاعاً كبيراً، كما انقطعت أدوية أخرى تعتبر أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم.

وكان رئيس فرع نقابة الصيادلة في دمشق حسن ديروان قد قال في وقت سابق، أن عدم توفر 50% من الأدوية المفقودة يرجع إلى عدم تأمين المواد الأولية التي تدخل في تركيبها.

ومن جهتها تقول الصيدلانية عبير والتي تعمل في منطقة المزة بدمشق، وفضلت عدم ذكر اسم عائلتها بأنهم توقعوا ارتفاع أسعار الأدوية إذ توقفت المستودعات الطبية عن توزيع الأدوية عليهم شهراً كاملاً قبل القرار مما جعلهم يتوقعون أن السبب احتكارٌ للأدوية قبل رفع سعرها.

وأكدت أنه رغم معرفتهم المسبقة بمحاولات رفع الأسعار إلا أنهم لم يتوقعوا أن تصل الأسعار لهذه الدرجة.

وأضافت: “هذا الغلاء يضرّ بنا أكثر من أي شخصٍ آخر، المرضى لم يعودوا يقتنعون بشراء الدواء من جهة، ونضطر نحن لبيعها دون مربحٍ أحياناً من جهةٍ أخرى”.

وتسبب ارتفاع أسعار الأدوية العديد من الأطباء لتقديم وصفات طبية بالاعتماد على الأدوية البديلة بدلاً عن الأصلية.

وعن “الأدوية البديلة” وقلة فعاليتها، تقول الصيدلانية عبير؛ “أن المركبات التي تدخل في تركيب الأدوية البديلة تغطي أنواعاً محددةً من الأمراض أو الأعراض وهذه المركبات تختلف في تركيباتها عن الدواء الأصلي وهو سبب الفرق في السعر بين الدوائين”.

إعداد التقرير: أورنينا سعيد 

زر الذهاب إلى الأعلى