تقارير

50 منشأة من أصل 250 تعمل.. “الحجر الحلبي” عرضة لتأثير الأوضاع الاقتصادية

يقطع “عبد الباسط حنّورة /41عاماً”، مسافة /7/ كم على درّاجته النارية، للوصول إلى عمله في حي “الشيخ سعيد” جنوب حلب.

العامل في معمل نشر الحجر، لم يعد عمله الذي يتقاضى منه أجراً يومياً يعادل /25/ ألف ليرة سورية مستقرّاً، إذ يعمل بضعة أيام ويتوقّف لأيامٍ أخرى، بسبب نقص المحروقات وعدم توفر الكهرباء وتوقّف المعمل.

مهنة قطع الحجر ونشرها التي يتقنها “عبد الباسط” منذ /15/عاماً، باتت كغيرها من المهن والصناعات في مهب ريح نقص المحروقات وارتفاع أجور المواد الأولية، التي باتت تُهدّد الصناعة الحلبية ككل.

يقول “عبد الباسط” لمنصَّة “مجهر”: “أحياناً نتوقّف عن العمل لمدة أسبوع، وأحياناً تطول المدة لـ/15/ يوماً، عملنا يتوقّف على وجود طلبيّات تحقق عائداً مادياً تُمكّن صاحب معمل الحجر من تأمين المازوت للمولدة الكهربائية، وهذه الطلبيّات باتت تقتصر على كميات محدودة من الحجر، فحركة البناء في حلب شبه متوقفة، نظراً لارتفاع أسعار مواد البناء”.

ويضيف العامل: “أعمل على آلة شرح الحجر، أي أقوم بقصِّ الصخور الكبيرة التي نجلبها من مقالع الحجر، ونقوم بقصّها ومن ثم تحويلها للمقاسات المطلوبة، فمعظم الأبنية في حلب تحتاج لأحجار مقاسها /30/ أو /40/ سم”.

ويؤكد “عبدالباسط”أن إنتاج المعمل حالياً يقتصر على الداخل السوري، وأحياناً يقومون “بتصديرها لدول الخليج”.

وقال “الحجر الحلبي يمتاز بلونيه الأبيض والأصفر، وهما لونان مميزان، خاصة وأن الحجر خالٍ من التَعرُّقات، وهو بعد الصَّقل يصبح ذا لمعة مميزة، لذلك هو مرغوب للبناء، لكن للأسف الإنتاج الذي كان يتصاعد قبل عامين تضاءل بشكل كبير، فسابقاً كنا نعمل لمدة /12/ ساعة يومياً وأحياناً أكثر، أما في ظل نقص المازوت؛ فالمعمل لا يعمل أكثر من /6/ ساعات، وليس بشكل يومي”.

أما “محمد عزيزة/46عاماً”،وهو صاحب معمل لنشر الحجر في منطقة “الشيخ سعيد”بحلب،فيقول لمنصَّة “مجهر”: “صناعة الحجر في حلب تراجعت إنتاجيتها بشكل كبير، فمعظم المعامل انخفض إنتاجها للربع تقريباً، وهناك معامل توقفت بشكل كامل”.

وأضاف: “طبعاً السبب الرئيسي لتوقف المعامل هو ارتفاع أسعار المحروقات، فأي منشأة أو معمل حجر يحتاج لـ /100/ ليتر من المازوت، وأحياناً أكثر لتشغيل المولّدة الكهربائية/8/ ساعات يومياً، فهذه المعامل فيها آلات ضخمة تحتاج لاستجرار طاقة كهربائية عالية”.

ويشدّد صاحب المعمل أنه “في ظل الغياب شبه التام للتيار الكهربائي الحكومي واقتصاره أحياناً على ساعتي تشغيل، وأحياناًأخرى لا تأتي أبداً؛ يضطرُّ صاحب المنشأة لتشغيل المولدة، وهذا يعني أن يضع مليوني ليرة سورية يومياً للكهرباء، أي أن جزء كبير من المردود المالي يذهب للطاقة، وهناك أجور عمال وضرائب للحكومة وأجور شحن ونقل أيضاً”.

وقال محمد عزيزة: “هذه الصناعة تعاني كثيراً، ومالم توفّر الحكومة الكهرباء لها، ستُقفل معظم منشآت الحجر أبوابها، وهذا يعني اندثار واحدة من أعرق الصناعات الحلبية وأكثرها تَميُّزاً”.

أما “حسين ورّان/ 50 عاماً”،وهو صاحب معمل لنشر الحجر والرخام في منطقة “الشيخ نجار”،فيقول لمنصَّة “مجهر”: “تنتشر معامل الحجر في الكثير من مناطق حلب وأريافها، سواء في الشيخ سعيد جنوب حلب وفي خان العسل غربها وفي الشيخ نجار وريف حلب الشمالي أيضاً، هناك حالياً أكثر من /250/ معملاً لنشر الحجر في حلب، لكن عدد المنشآت التي تعمل لا يتخطّى /50/ منشأة فقط”.

وأكد أن ما يجري الآن لم يحدث سابقاً، وأن المنشآت الـ/250/ كانت تعمل بطاقة إنتاجية كاملة، وكان يتم تصدير الحجر إلى مختلف دول العالم.

وأضاف “الحجر الحلبي مطلوب وبشدة؛ نظراً لجماليته ومهارة صُنّاعه، لكن في الوقت الحالي هذه الصناعة تحتضر، خاصةً وأن الحكومة لاتُقدّم لها الدعم المطلوب، الكهرباء هي أولوية هذه الصناعة، كذلك تخفيف الرسوم على الأحجار التي تصل من مقالع الحجر، وتسهيل حركة التجارة والتصدير”.

وشدَّدَ على أن هذه المعامل “سيكون لها دور محوري في أي عملية إعادة أعمار قادمة، واستمرار إهمالها وتجاهل مطالب أصحابها، يصيبها في مقتل، وستتضرر عملية الترميم والبناء الخجولة في المدينة”.

إعداد التقرير: سامر عقّاد

زر الذهاب إلى الأعلى