تقارير

من الصين إلى سوريا.. تحقيق يرصد تحركات “الحزب التركستاني” وعلاقاته بتركيا والتنظيمات الإرهابية

يعتبر الحزب الإسلامي التركستاني (TIP) حركة جهادية، ويتكلم المنتسبون إليها اللغة الإيغورية، وينحدرون من تركستان الشرقية “شينجيانغ” التي تحتلها الصين، وسُجّل له حضور واضح في الحرب السورية منذ منتصف العام 2014.

يبحث هذا التحقيق الذي أجرته منصة “مجهر” في خفايا هذا التنظيم، ومن أين جاء، وما علاقته مع تنظيم “القاعدة”، ومن أين يستمد تمويله، وعلاقته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكيف دخل سوريا، وما هو مدى خطورته.

بدأت رحلة هؤلاء الجهاديين نحو سوريا في عام 2012، إذ دخلها بداية المقاتلون السابقون في صفوف “القاعدة” من الإيغور في أفغانستان، ولعبوا دوراً كبيراً في تشجيع المزيد من أبناء جلدتهم على المجيء إلى سوريا عبر دول مثل (تايلاند، ماليزيا وأندونيسيا)، ليحطّوا الرّحال في بداية توجههم إلى سوريا في تركيا، وساعدهم عامل اللغة في سهولة الانتقال إلى سوريا كونهم يتحدثون اللغة التركية، ولوحظ تعاطف شعبي ورسمي مع هذه الأقلية في تركيا.

في الواقع، لا توجد إحصاءات دقيقة بعدد المقاتلين التركستان، لكن صعد نجم “الحزب التركستاني” بعد معركة السيطرة على مدينة جسر الشغور بريف إدلب عام 2015. وتفيد تقارير أن الحزب يعد اليوم أكبر الجماعات الجهادية المقاتلة في سوريا بأعداد تقارب ثلاثة آلاف عنصر. 

وفي يوليو/ تموز 2017، نظّم “الحزب الإسلامي التركستاني”، والذي يضم آلاف المقاتلين الإيغور من إقليم شينجيانغ الغربي الصيني، مواكب سيّارة في جسر الشغور، وهي بلدة سورية إستراتيجية في محافظة إدلب.

وأفادت حينها أخبار عن سيطرة الحزب على جسر الشغور وانسحاب “هيئة تحرير الشام” بقيادة “جبهة فتح الشام” (المعروفة سابقاً بجبهة النصرة) منها، والتي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب.

وتواصل مُعِدُّ التحقيق مع مصادر خاصة في إدلب، بيّنت أن لـ”الحزب الإسلامي التركستاني” وجوداً عسكرياً في جسر الشغور منذ العام 2014، ويستمر في العمل عن كثب مع “هيئة تحرير الشام”. واقع الحال هو أن هذه الأخيرة دعمت التنظيم وقدّمت له الإرشاد والتوجيه لدى وصوله إلى إدلب، وساعدته على الاستقرار في بلدات مسيحية وعلوية فرّ منها سكّانها.

فيما وثَّقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مصادرة ما لا يقل عن /750/ منزلاً تعود ملكيتها لمسيحيين في قرى ريف جسر الشغور على يد “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “حُرّاس الدين” وعناصر من “الحزب الإسلامي التركستاني”، منذ مطلع عام 2018 وحتى أواخره، وذلك بحجة غياب أصحابها، للاستيلاء عليها وإسكان عناصرها فيها.

أهداف الحزب وزعاماته في سوريا

وحول هدف التنظيم ومتزعّميه في سوريا، قال مصدر محلي بريف إدلب، إن هدف التنظيم في سوريا محاربة الحكومة السورية وروسيا، من جهة، ومن جهة أخرى محاربة قوات سوريا الديمقراطية، التي قضت على تنظيم داعش ودولته المزعومة في مارس/ آذار 2019، وبدعم من التحالف الدولي.

وأوضح أن التنظيم مقسوم إلى ثلاث جماعات، الأولى تُعرف باسم جماعة “مسلم الشيشاني”، موالية للتنظيم سرّاً ولكن لا تقاتل في صفوفه ضد خصومه، والثانية موالية لـ”هيئة تحرير الشام”، وأميرها “أَسْيَدْ الألماني”، بينما الجماعة الثالثة غادرت سوريا بتسهيل تركي إلى أوكرانيا، للمشاركة في حربها ضد روسيا المستمرة منذ فبراير/ شباط 2022، انتقاماً من الروس لحروبها ضد الشيشان بين أعوام 1994 وحتى 2009.

وهو ما أكده مصدر آخر مطّلع على تحركات التنظيم، بأن الحزب بدأ بإرسال عناصره إلى أوكرانيا بعد الحرب الروسية على الأخيرة منذ فبراير/ شباط العام الماضي، حيث توقع المصدر أن العدد الحالي لعناصر الحزب تقدر بنحو ألفي عنصر، يتوزعون في جسر الشغور وصولاً إلى جبلي الأكراد والأتراك بريف اللاذقية.

وحول متزعّمي التنظيم في سوريا، أشار المصدر الأول إلى أن أمير الحزب الموالي لـ”هيئة تحرير الشام”، “أَسْيَدْ الألماني” كان يعمل سائقاً على سيارة إسعاف ضمن الحزب، لكنه أصبح حالياً أمير مضافة للحزب ضمن مدينة جسر الشغور بريف إدلب.

بينما “مسلم الشيشاني”، استلم الزعامة بعد مقتل أخيه “عبد الحكيم الشيشاني” في 2019، ويتبعه كل المهاجرين من الشيشان والأفغان والأوزبكيين، بعد أن اصطدم مع “هيئة تحرير الشام”، وأنه انتقل مع أنصاره إلى التمركز في قرية “الزعينية” قرب “دركوش” بريف إدلب الغربي، ولا يُسمح إلا للمهاجرين البقاء فيها.

مصادر تمويل الحزب التركستاني في سوريا

يدور حديث على نطاق واسع، بأن الحكومة التركية تدعم أو تسهّل وصول الدعم والإمدادات إلى مقاتلي “الحزب الإسلامي التركستاني” في سوريا، حيث يعيش أكثر من عشرين ألف لاجئ إيغوري مع عائلاتهم في تركيا، كما أن هناك جمعيات خيرية تابعة لهم.

ومن السمات الأخرى للتنظيم، والتي لاحظها السكان المحليون، سكان جسر الشغور، أن “طابَعه تركي”. ولقد أثار انتشار “الحزب الإسلامي التركستاني” في المناطق الحدودية شكوكاً بوجود شكل من أشكال التعاون مع تركيا. والحجّة الأساسية التي يسوّقها سكان المنطقة هي أن الإيغور دخلوا سوريا بعدما فرضت تركيا قيوداً وضوابط على الحدود.

وكان تضامن الدولة التركية مع نضال الإيغور ضد سياسات الاندماج الصينية، جزءاً من السياسة التركية الداخلية، وهذا يفسّر وجود عدد كبير من الإيغور في تركيا، حيث تُقدَّر أعدادهم بنحو خمسين ألف شخص.

وفي العام 1995، شدّدت شخصية صاعدة في السياسة التركية على التزامها المطلق بالقضية الإيغورية. فقد أقدم “رجب طيب أردوغان”، الذي كان آنذاك عمدة لإسطنبول، على إطلاق اسم “ألب تكين” على أحد الأقسام في جامع السلطان أحمد في المدينة، معلناً: “ليست تركستان الشرقية موطن الترك وحسب، إنما أيضاً مهد التاريخ والحضارة والثقافة الخاصة بالشعوب التركية”. مؤكداً أن “تَناسي هذا الأمر يؤدّي إلى جهل تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا…”، وشدد على القول “شهداء تركستان الشرقية هم شهداؤنا…”، متهماً الصين بالقول “اليوم يجري العمل بصورة منهجية على فرض الطابع الصيني على ثقافة أبناء تركستان الشرقية”.

وأصبح تعاطف أردوغان مع القوميين الإيغور أكثر حذراً خلال رئاسته للوزراء، لكن انتشار آلاف المقاتلين التابعين للحزب الإسلامي التركستاني على مقربة من الحدود التركية – السورية يشير إلى حصولهم على المساعدة اللوجستية من الجانب التركي.

وحول العلاقة بين تركيا والتنظيم، أشارت الباحثة في شؤون الجماعات الإرهابية في سوريا، “لامار أركندي”، إلى أن تركيا تدعم هذه الجماعات الإسلامية المتطرّفة الوافدة من الصين، وتعدهم بإقامة موطن قومي وديني لهم في الصين، منوّهة بأن تركيا مستفيدة من المهندسين الإيغور في تطوير صناعة الطائرات المُسيّرة “البيرقدار” التي استخدمتها في حربها وهجومها على عفرين عام 2018 ومدينتي سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض أواخر 2019.

وشددت الباحثة في شؤون الجماعات المتطرفة إلى خطورة الحزب التركستاني في سوريا، مبيّنة أنه لا تقل هذه الجماعة خطورة عن تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” المنحدرين من تنظيم “القاعدة”.

ومن جانب آخر، قالت الباحثة إن خطر الإيغور في سوريا يكمن في أطفال مجهولي النسب الذين ولدوا نتيجة التزاوج بين الجماعات الجهادية في سوريا، وهو ما يشكل خطراً مستقبلياً على سوريا من نشوء جيل بتعداد كبير من المتطرّفين الذين سيبقون خارج السجلات المدنية وفق القانون السوري، الذي يُحرّم الجماعات الإرهابية من القيد في السجلات السورية.

وتوقعت الباحثة أن عدد هذه الجماعات قد يصل إلى ثمانية آلاف في سوريا مع ازدياد النسل، فيما يبلغ عدد الأطفال مجهولي النسب شمال غربي سوريا إلى أكثر من /20/ ألف طفل مجهول الهوية، وثلاثة آلاف طفل آخر في المخيمات شمال شرقي سوريا، بحسب الباحثة “لامار أركندي”.

وتشير الإحصائيات، حسب الباحثة، إلى أن هناك ما يقارب من /70/ ألف طفل مجهول النسب في سوريا والعراق وهم أبناء ما يطلق عليهم اسم “الجهاديين” ضمن الجماعات الإرهابية، وهو ما يهدّد من تشكيل جديد للجماعات الإرهابية المتطرّفة على غرار تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.

علاقة التركستاني مع “داعش” و”الجولاني”

فيما الكاتب الصحفي والباحث المصري المختص في شؤون الجماعات الإسلامية “هشام النجار”، قال في حديث لمنصة “مجهر” حول هذا التحقيق، بأنه برز دور الحزب التركستاني عام ٢٠١٥ في سوريا أثناء مشاركته في القتال مع التنظيمات المتطرّفة المسلحة، خاصة في جسر الشغور، مشكلاً فرعه في الشام ميدانياً وعسكرياً، ومتحالفاً مع عدد من كيانات القاعدة المسلحة، ومنها “جبهة النصرة” التي تحمل اسم “هيئة تحرير الشام” الآن.

وأضاف: “لقد نفّذ مقاتلو هذه الجماعة عمليات نوعية كبيرة، تلك العمليات التي أكدت على تلقيهم تدريباً جيداً وأن لديهم خبرات قتالية، وتبين ذلك خاصة في حماة واللاذقية وحلب، وكذلك من خلال الهجمات العديدة التي شنها التنظيم في شمال غرب سوريا”.

وأشار الباحث المصري إلى أنه يتبيّن خلال الإصدارات المرئية للحزب، أن نشاطه العسكري والميداني يتركّز حالياً في جسر الشغور وسهل الغاب وجبل الزاوية وجبل التركمان، ويحظى بثقة قادة “هيئة تحرير الشام”، وأن هناك تنسيق ميداني وعملياتي بين الجماعتين، وهو أقرب لفكر ونهج “القاعدة” من “داعش”، ويتبع فرعه في سوريا القيادة المركزية للحزب الإسلامي التركستاني.

ويمثل الحزب ذراعاً قوياً من أذرع “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً”، سواء من جهة تمكينها لتقويض منافسيها والمناوئين لها داخل الجماعات المسلحة، أو من جهة تمكينها من تكريس هيمنتها على مناطق نفوذها، ولذلك يمكن اعتبار الحزب شريك وحليف عسكري مهم جداً بالنسبة لـ”هيئة تحرير الشام”، بحسب الباحث المصري.

وذكر الباحث أن الحزب ينتمي فكرياً إلى السلفية الجهادية، وهو يلعب دوراً مزدوجاً، أولاً في خطة “هيئة تحرير الشام”، في استيعاب الحركات والمجموعات المعارضة لها، علاوة على استخدامه كوسيلة وأداة للتقرب من تركيا والاستفادة منها، لما يتمتع به الحزب التركستاني من حرية تحرك، خاصة بعد إزالته من قائمة الإرهاب الدولية.

ولأن علاقة التركستاني جيدة بتركيا، فإن ذلك يُسهّل استخدامه من قبل “الجولاني” في منحه هو وجماعته امتيازات على الأرض، كما لا يخفى أن وراء اللعب بورقة التركستاني أيضاً تفكير في استخدامه مستقبلاً كورقة تفاوض مع الصين التي تنظر إليه كتهديد حقيقي لها، على حد تعبير الباحث المصري.

من أسّس الحركة ومن هم الإيغور؟

تملك تلك الحركة العديد من الأسماء، فهي تسمى بـ”حركة تركستان الشرقية الإسلامية”، أو “الحزب الإسلامي التركستاني” أو “الحركة الإسلامية التركستانية”، بالإضافة إلى أسماء أخرى.

وتتخذ تلك الحركة من إقليم وزيرستان في باكستان مقراً لها، وتهدف بحسب مؤسّسيها وقادتها، إلى تحقيق استقلال إقليم “شينجيانغ”، والذي كان يعرف باسم “تركستان الشرقية” قبل ضمه إلى الصين في عام 1949.

وأسس تلك الحركة “حسن محسوم”، المعروف أيضاً باسم “أبو محمد التركستاني”، وقد قتل في 2 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2003 برصاص الجيش الباكستاني.

وكان “محسوم” قد حُكِمَ عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات قبل أن يهرب من الصين في عام 1997، لينضم لاحقاً إلى حركة “طالبان” ويتنقّل بين أفغانستان وباكستان؛ فيما أشارت تقارير إلى أنه اجتمع مع زعيم تنظيم “القاعدة” آنذاك “أسامة بن لادن”، والذي عرض عليه مساعدات مالية للحركة الإسلامية في تركستان الشرقية.

واعتادت الصين على اتهام الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية بارتكاب أعمال عنف وهجمات إرهابية، مشيرة إلى أنها ارتكبت نحو /200/ هجمة بين عامي 1990 و2001، ممّا أسفر عن مقتل أكثر من /162/ شخصاً وإصابة نحو /440/ بجروح متفاوتة.

فيما أكدت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مراراً تلقيها الكثير من التقارير الموثوقة، التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون شخص من أقلية الإيغور في “مراكز مكافحة التطرف” في الصين.

والإيغور تعني “الاتحاد والتضامن” باللغة الإيغورية، وهم شعوب تركية، يشكلون واحدة من /56/ فئة عرقية في جمهورية الصين الشعبية، ويتركّزون بشكل عام في منطقة تركستان الشرقية، وهي ذاتية الحكم، وتعرف باسم “شينجيانغ” أيضاً، على مساحة تعادل 1/6 من مساحة الصين، كما يتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين أيضاً. يبلغ عدد الإيغور حوالي عشر ملايين، يعيش معظمهم في “شينجيانغ”، التي أصبحت مقاطعة في عام 1884، ويتحدثون الإيغورية، ويدين معظمهم بالإسلام السني.

وتمكن الإيغور من إقامة دولة مستقلة مرتين بعد سقوط أسرة “تشينغ” التي حكمت الصين بين عامي (1644–1911) ومن (1931 إلى 1934)، ومرة أخرى من (1944إلى 1949)، وبعد أن استولى الشيوعيون على السلطة احتلوا مقاطعة “شينجيانغ” عام 1955 ووضعوها تحت سيطرتهم الكاملة.

تشكل الحزب عام 1993 بمسمى “حركة تركستان الشرقية” بقيادة “أبودو سواء”، وخلال خمس سنوات تطور نشاطه وتوسعت بنيته التنظيمية، ومن ثم نقل مركز عملياته من إقليم “شينجيانغ” في الصين إلى العاصمة الأفغانية “كابول”، بعد أن أنشأ زعيمها الثاني “حسن محسوم” علاقات تنسيق مع “أسامة بن لادن”، وعلى أساسها أنشئت معسكرات تدريبية خاصة بالحركة في أفغانستان.

بعد أن تمكّنت الحركة – ومع مرور الوقت – من كسب عناصر مقاتلة وتدريبات ودعماً لوجستياً من تنظيم “القاعدة”، هاجمت السفارة الأمريكية في قرغيزستان في عام 2003، وكانت هذه أولى العمليات النوعية التي تقوم بها الحركة منذ نشأتها.

واشنطن تزيل التنظيم من لوائح الإرهاب

بعد نحو عقدين، لم يعُد “الحزب التركستاني الإسلامي” على قائمة الإرهاب الأمريكية، رغم بقائه على قائمة الإرهاب الأممية الخاصة بمجلس الأمن الدولي. فانشغال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية لم يمنعه من إنفاذ قرار اتُّخذ في العام 2020 تضمّن رفع اسم “الحزب التركستاني” من قائمة الإرهاب.

القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي السابق “مايك بومبيو”، أواخر 2020، لا ينطوي على تعارض صريح بين المعايير الأمريكية وتلك الأممية حول تصنيف الجماعات على قوائم الإرهاب وحسب، بل يرسم علامات استفهام كثيرة حول أسبابه ودوافعه وتداعياته المحتملة على عدد من الدول التي ينشط فيها مقاتلو “التركستاني”، ومن بينها منطقة شمال غربي سوريا، المعروفة بمنطقة “خفض التصعيد الرابعة” بموجب محادثات أستانا.

والمفارقة أن الوزير “بومبيو” برّر قرار رفع “التركستاني” من قائمة الإرهاب الأمريكية، بأنه لم يعد هناك دليل على وجود الجماعة أو استمرارها في نشاطها، فيما تستخدمها “بكين” ذريعة لاستمرار انتهاك حقوق أقلية الإيغور في إقليم شينجيانغ.

ومن المعروف على نطاق واسع أن جماعة “التركستاني” موجودة بكثافة في محافظة إدلب السورية، وبخاصة في مدينة جسر الشغور وأريافها الممتدة حتى الحدود مع تركيا. وما زالت هذه الجماعة المؤلفة من آلاف المقاتلين الإيغور تشارك بفاعلية في القتال الدائر في المنطقة. لذلك يبدو مستغرَباً أن يدّعي “بومبيو” عدم وجود دليل على وجودها أو استمرارها في ممارسة نشاطها.

وقد يكون تفسير ذلك أن إدارة ترامب نظرت إلى الموضوع من منظور علاقاتها المتوتّرة مع الصين، ووجدت في قدرة الأخيرة على ردع “التركستاني” عن القيام بأي عمليات إرهابية على أراضيها، فرصة مواتية من أجل تصفية الإرث الذي خلّفته إدارة “جورج بوش” في إطار حربها العالمية ضد الإرهاب، والتي أطلقتها بعد تفجير مبنيي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001.

ووفق مراقبين، يعبّر قرار الخارجية الأمريكية بشأن “التركستاني”، عن تصعيد أمريكي في مواجهة الصين من بوابة الإيغور، التي كانت محطّ تجاذب طويل بين البلدين، لا سيّما بعد اتخاذ الكونغرس الأمريكي قراراً قبل سنتين، قضى بمعاقبة مسؤولين صينيين على خلفية الانتهاكات الممارسة ضد أقلية الإيغور في إقليم شينجيانغ. كما يتناغم القرار، بشكل أو بآخر، مع التوجّهات الإستراتيجية الأمريكية، التي باتت تقلّل من أهمية الحرب ضد الإرهاب، مقابل اعتبار الصين العدو الأول، الذي ينبغي أن تحظى مواجهته بالاهتمام الأمريكي في المقام الأول.

إعداد: خلف معو (برور ميدي)

زر الذهاب إلى الأعلى