تقارير

محادثات الإدارة الذاتية وحكومة الأسد.. خلافات جذرية وتوجهات بديلة

تزايدت مؤخراً أنباء عن لقاءات سياسية جمعت سلطات “حكومة الأسد” بالإدارة الذاتية قبل أن تنفي الأخيرة ما تم تداوله مؤكدة أن ما تم التوصل إليه مجرد تفاهمات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأسد في كوباني ومنبج ضمن تفاهم واتفاقية حفظ الحدود توصل إليها الجانبان عام 2019.

وكثيراً ما يتم تداول موضوع لقاءات سياسية بين الإدارة الذاتية و”حكومة الأسد”، في كل مرة تطلق فيها تركيا تهديدات بشن عملية عسكرية على مناطق في شمال وشرق سوريا.

وتسعى “حكومة الأسد” وفقاً للعديد من المحللين للضغط على الإدارة الذاتية لتقديم تنازلات سياسية في مناطق سيطرتها بالتزامن مع كل تهديد تطلقه أنقرة.

بداية المحادثات بشكل رسمي على وسائل الإعلام كانت في عام 2019 مع بدأ تركيا بعدوان استهدف مدينة عفرين، فيما استمرت بشكل متقطع بين الحين والآخر دون التوصل لأي اتفاق جاد خلال السنوات المقبلة.

وعلى الرغم من الحديث المستمر عن هذه المحادثات إلا أن النتائج دائماً ما كانت غائبة عن “اللقاءات” في ظل الاختلاف الجذري بين وجهات نظر الطرفين.

ماذا تريد الإدارة الذاتية من “المحادثات مع دمشق”؟

وترى الإدارة الذاتية أنه من غير المعقول استبعادها من كافة المحادثات السياسية المتعلقة بـ “حل الأزمة السورية” وأطلقت مبادرات عدة أبرزها مساعي تشكيل منصة معارضة جديدة، للانضمام للعملية السياسية.

وفي ظل هذه التطورات لم تغلق الإدارة الذاتية باب اللقاء مع السلطة في دمشق، ولطالما تحدث مسؤوليها لضرورة حوار جاد مع السلطة، مع الأخذ بعين الاعتبار، شروط لنجاح أي لقاءات مستقبلية، أبرزها “خصوصية قوات سوريا الديمقراطية، وموضوع التعليم وتوزيع الثروات”.

وترفض الإدارة الذاتية عودة السلطة في دمشق إلى ما كانت عليها قبل العام 2011، وتشير إلى أن النظام اللامركزي هو الحل الأمثل في ظل تمسك “دمشق” بالدستور القائم.

ماذا يريد “الأسد” من هذه “المحادثات”؟

بينما في الجانب الآخر يسعى “نظام الأسد” للعودة إلى ما كان عليه في السابق وإعادة السيطرة على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، وإبعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن المشهد السوري والذي يقدم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد داعـش الإرهابي.

وترى “حكومة الأسد” أن الإدارة الذاتية تقف موقف الضعيف بالتزامن مع التهديدات التركية، وتسعى لفرض إملاءات لطالما رفضها مسؤولي شمال وشرق سوريا.

وقال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، في لقاء له مع وكالة “هاوار” الرسمية، أن “النظام السوري ما زال بعيداً عن الديمقراطية ومتمسك بذهنيته والحفاظ على سلطته وأنه لا يريد شيئاً آخر”.

وأضاف “النظام يريد العودة إلى ما قبل 2011، ونحن نقول إن قوانين وتسلط النظام كان سبباً بالأزمة السورية”.

ما هي أبرز النقاط الخلافية؟

ووفقاً للعديد من التقارير فأن قضايا خلافية عدة هي التي تعرقل المحادثات بين الجانبين .

وأولى هذه القضايا الشائكة وفقاً لتقرير لصحيفة الشرق الأوسط نقلاً عن مسؤول كردي لم تسميه، هي مسألة القوات العسكرية والأمنية إذ ترفض القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية عرضاً روسياً بدمجها في القوات النظامية مع الحفاظ على أجزاء من خصوصيتها العسكرية والبقاء في مناطقها الحالية، بينما تسعى السلطة في دمشق بحل هذه القوات.

فيما تأتي ثاني القضايا الخلافية وفق المصدر ذاته، نظام الحكم، إذ تتمسك الإدارة الذاتية باللامركزية السياسية أو تطوير نموذج الإدارة المحلية للحفاظ على هياكل الحكم المحلية. في ظل تمسك سلطة دمشق بإبقاء النظام السياسي الحالي وترك هامشاً لمشاركة ممثلين كرد في المجالس المحلية ضمن المناطق التي ينتشرون فيها ويشكلون أغلبية سكانية.

يضاف إليها النقطة الثالثة المتعلقة بالمناهج التعليمية والمدارس التي أسستها الإدارة الذاتية منذ منتصف 2014.

ووصف تقرير الشرق الأوسط القضية الأكثر تعقيداً من بين الملفات، هي ملف النفط والطاقة، حيث طالبت دمشق بإعادة السيطرة على كامل الحقول الواقعة اليوم تحت نفوذ قوات سوريا الديمقراطية.

وكانت النقطة الخامسة حول العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية محور نقاش إذ تتمتع الإدارة الذاتية بعلاقات مع الولايات المتحدة وحكومات التحالف الدولي، ولديها 7 مكاتب وبعثات دبلوماسية في دول فاعلة بالملف السوري، بينها ألمانيا وفرنسا وهولندا وفنلندا والنمسا والدنمارك وبلجيكا، إلى جانب مكاتب رسمية في كل من واشنطن وموسكو. غير أن المسؤولين في دمشق يصرون على أحقية التمثيل الخارجي لـ “الحكومة”.

هل تستمر هذه اللقاءات؟

ويرى عمر أوسي وهو رئيس المبادرة الوطنية للكرد السوريين في تصريح لـ وكالة “سبوتنيك”، أن “الحل الوحيد للجانبين هو إبرام صفقة واتفاقية سياسية فيما تنحصر المواضيع الخلافية بين الجانبين في موضوع مصير الإدارة الذاتية ومصير قوات سوريا الديمقراطية.

وأضاف “الإخوة في قسد يطالبون بالاعتراف بالإدارة الذاتية التي أعلنوها، فيما أبدت الحكومة السورية استعدادها لتوسيع قانون الإدارة المحلية رقم 107 للعام 2011”

وقال أيضاً أن “هناك مواضيع اتفق عليه الجانبان مثل اللغة والثقافة الكردية إذ لا مشكلة لدى الحكومة السورية حول هذه القضايا”.

وأكمل أوسي حديثه بالقول: “أنا أعتقد أن هذه المواضيع الخلافية ليست مستحيلة الحل، ويمكن الوصول إلى حلول وسط وتدوير الزوايا، ومن ثم إذا حصل الاتفاق سوف يستتب الأمن والاستقرار في المنطقة وستتوقف الهجرة من المكونات الكردية والسورية في منطقة الجزيرة السورية”.

ويرى أوسي أن “انسحاب الولايات المتحدة من سوريا كفيل ببناء علاقة جديدة مع الحكومة السورية”.

توجهات بديلة لكل من الإدارة الذاتية والنظام في حال فشل “المحادثات”؟

وفي ظل ما يتم تداوله عن لقاء يجمع الطرفين يتم التطرق إلى مشاريع بديلة بالنسبة للطرفان، إذ يتم الحديث في الوقت الحالي عن اجتماع ثلاثي يجمع كل من تركيا والولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية.

هذه الأنباء جاءت بعد جولة السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري الحاكم “ليندسي غراهام”، الذي التقى مسؤولين أتراك في أنقرة، ثم التقى قيادات في إقليم كوردستان، قبل أن يلتقي في الحسكة للقاء بمسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية.

ووفقاً لمقال نشره العميد السوري المنشق “أحمد الرحال” فأن مبادرة غراهام تستند لتفاهمات وتوافقات أمريكية تركية قديمة تتحدث عن مناطق عازلة ودوريات مشتركة تلبي مطالب أنقرة مقابل وقف عملها العسكري، وتحفظ شمال شرق سوريا من خطر الحرب عليها، وأن كل البنود والتفاصيل ستناقش باجتماع سيحتضنه اقليم كردستان، ويضم الاجتماع الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا، قسد) وغالباً ما ستكون تلك الوفود ذات صبغة عسكرية استخباراتية.

وفي الجانب الآخر تملك حكومة الأسد خياراً آخر كان وهو التعامل مع تركيا بعد تصريحات أطلقها “جاويش أوغلو” وزير الخارجية التركية، باستعداد بلاده لـ “التعاون مع النظام السوري في حربها ضد قوات سوريا الديمقراطية”.

زر الذهاب إلى الأعلى