تقارير

تصاعد حالات اختطاف النساء العلويات في سوريا – شهادات الضحايا وذويهم

تتزايد بشكل مقلق حالات اختطاف النساء من الطائفة العلوية في سوريا منذ بداية العام 2025، حيث يعاني العديد من الأسر من اختفاء بناتهن وسط ظروف مشحونة بالعنف.

تحولت هذه الظاهرة إلى قضية إنسانية معقدة، في وقت يعجز فيه معظم الأهالي عن الحصول على أي توضيح حول مصير مختطفاتهم.

هذا التقرير يركز على شهادات الضحايا وذوي الضحايا الذين تكبدوا معاناة شديدة في محاولاتهم لفهم ما حدث لأحبائهم.

عبير: من اختطاف إلى فدية مروعة

عبير، امرأة في التاسعة والعشرين من عمرها، اختفت في 21 مايو 2025 من شوارع مدينة صافيتا.

بعد ساعات من اختفائها، تلقّت عائلتها رسالة نصية عبر تطبيق “واتساب” من الخاطف، الذي قال: “لا تنتظرها، لا تنتظر أختك… ما بترجع”، موضحًا أن عبير ستقتل أو تُباع في أسواق الاتجار بالبشر ما لم تدفع أسرتها فدية قدرها 15 ألف دولار.

تواصلت عبير مع عائلتها في 29 مايو عبر مكالمة هاتفية من نفس الرقم الذي كان يستخدمه الخاطف، والذي كان يحتوي على رمز عراقي.

قالت لهم في المكالمة: “أنا ماني بسوريا، كل الحكي حولي غريب ما بفهم”. هذه الكلمات تركت العائلة في حالة من القلق الشديد والمزيد من الغموض حول مكان عبير.

شهادة أحد أقارب عبير

“لقد استدننا من الأصدقاء والجيران لجمع المبلغ المطلوب. حولنا المبلغ عبر 30 عملية تحويل من خلال ثلاثة حسابات في إزمير التركية، تراوحت المبالغ بين 300 و700 دولار في كل عملية. بعد أن أرسلنا المبلغ بالكامل، توقف الخاطف عن الاتصال وأغلق هواتفه”.

هذا الحديث كان على لسان أحد أقارب عبير، الذي أكّد أن العائلة فعلت كل ما بوسعها لإنقاذها، لكن دون جدوى.

زينب: اختفاء فتاة في مقتبل العمر

زينب، البالغة من العمر 17 عامًا، اختفت في 27 فبراير 2025 في بلدة الهنادي في اللاذقية بينما كانت في طريقها إلى المدرسة.

بحسب أحد أفراد عائلتها، تلقّت الأسرة رسالة نصية من رقم هاتفها يوم اختفائها تحذرهم من نشر صور الفتاة، حيث كتب الخاطف: “مثل ما نبهتكن صوره ما بدي شوف، أقسم بالله ببعتا بدما”.

شهادة أحد أفراد عائلة زينب

“زينب اتصلت بنا قبل أن ينقطع الاتصال وقالت إنها لا تعرف إلى أين تم اقتيادها.

أخبرتنا بأنها كانت تشعر بألم في معدتها. بعد ذلك انقطع الاتصال بشكل مفاجئ، ونحن لا نعرف إلى أين ذهبت، أو إذا كانت على قيد الحياة”، قال أحد أقارب زينب في شهادته المؤلمة.

خزامة: فدية صغيرة مقابل معاناة طويلة

خزامة، أم لخمسة أطفال، اختُطِفت في 18 مارس 2025 في ريف حماة. نقلت إحدى أفراد عائلتها شهادتها حول الحادث: “خُدِّرَت خزامة خلال اختطافها، وتم اقتيادها بعيدًا بعد أن فقدت الوعي لبعض الوقت. قضت 15 يومًا في الأسر، حيث كانت الخاطفون يتفاوضون مع الأسرة. في النهاية، دفعنا فدية قدرها 1500 دولار للإفراج عنها”.

شهادة أحد أفراد عائلة خزامة

“عندما عادت خزامة، كانت في حالة انهيار عصبي، ولم تتحدث كثيرًا عن تفاصيل الخطف، لكنها أكّدت لنا أنها لم تكن تعرف الجناة، وأنها كانت في حالة من الهلع طوال الوقت”.

أضاف أحد أفراد العائلة. “هذا النوع من الألم لا يُحتمل، وخاصة أنها أم لخمسة أطفال كانت تنتظر عودتها بفارغ الصبر”.

دعاء: اختطاف مرعب في وضح النهار

دعاء عباس، وهي امرأة في التاسعة والعشرين من عمرها، اختُطِفت في 31 مارس 2025 من أمام منزلها في بلدة سلحب في حماة.

بحسب شهادة أحد أفراد عائلتها، تعرضت دعاء للاختطاف على يد مجموعة من الرجال الذين اقتادوها بسرعة إلى سيارة كانت بانتظارها. حاول قريبها اللحاق بالسيارة، لكن اختفت في الأفق دون أي أثر.

شهادة أحد أفراد عائلة دعاء

“رأيت العملية أمام عيني، ولكن لم أتمكن من تحديد عدد الرجال الذين اختطفوا دعاء أو ما إذا كانوا مسلحين.

ما زلت أتذكر اللحظة التي اختفت فيها السيارة أمام ناظري، وقلبي يكاد يتوقف من الخوف والقلق”، هذا ما قاله قريب دعاء، الذي أكّد أن العائلة كانت تأمل في معرفة مصيرها لكن دون أي جديد.

حالات أخرى: اختفاء العديد من النساء العلويات

شهدت الأشهر الأخيرة اختفاء العديد من النساء العلويات في مناطق طرطوس واللاذقية وحماة.

وحسب المعلومات التي جمعتها رويترز، اختفى العديد منهن في وضح النهار أثناء قيامهن بمهمات عادية أو أثناء استخدامهن لوسائل النقل العام.

هذه الحالات كانت تثير مشاعر القلق والخوف بين المجتمع العلوي، الذي يعاني من العنف الطائفي والصراع المستمر.

شهادة أحد أفراد أسرة نغم شادي

“نغم، ابنتنا البالغة من العمر 23 عامًا، اختفت في 2 يونيو 2025 أثناء ذهابها لشراء الحليب من متجر قريب.

لا نعرف أين هي الآن، ونحن نعيش في حالة من الترقب. لم نتمكن من العثور على أي أثر لها منذ ذلك الحين”، قال والد نغم شادي، الذي أكد أن العائلة اضطرت إلى مغادرة منزلها في مارس بسبب العنف الطائفي ضد العلويين.

ردود فعل السلطات: تفسيرات غير مقنعة

تفاوتت ردود فعل السلطات السورية حول هذه الحوادث. في حين أكّد مسؤولون في محافظة طرطوس أن معظم حالات الاختفاء قد تكون ناتجة عن “نزاعات عائلية” أو “مشاكل شخصية”، إلا أن هذا التفسير لم يكن مقنعًا لعائلات الضحايا، الذين يشعرون أن القضايا تُتجاهل ولم تُجرَ تحقيقات كافية.

شهادة من أحد أفراد لجنة تقصي الحقائق

“لسنا متأكدين من هوية الجناة أو دوافعهم، لكن ما نعرفه هو أن حالات اختفاء النساء العلويات قد تزايدت بشكل غير طبيعي بعد تصاعد أعمال العنف ضد العلويين في مارس 2025. هناك شعور عام بالخوف بين العائلات، ولا يبدو أن السلطات تتخذ الإجراءات اللازمة للتحقيق بشكل جاد في هذه الحالات”، قال أحد أفراد لجنة تقصي الحقائق، الذي فضّل عدم ذكر اسمه.

مأساة مستمرة في ظل غياب الأمان

تظل قضية اختطاف النساء العلويات في سوريا تثير القلق البالغ، إذ يعيش العديد من الأسر في حالة من الترقب والألم المستمر.

في ظل غياب التحقيقات الجادة، وتجاهل السلطات لنداءات العائلات، لا تزال مصائر العديد من النساء مجهولة، تاركة وراءها روايات مؤلمة لشهادات ضحايا يترقبون الأمل في ظل واقع مظلم.

مصدر التقرير (رويترز- الحرة)

زر الذهاب إلى الأعلى