تقارير

واشنطن تقلّص وجودها العسكري في شمال شرق سوريا.. بقاء القواعد مشروط بالتفاهمات الإقليمية

روبين عمر

في تطور جديد يعكس تحوّلاً في المقاربة الأميركية للملف السوري، خفضت الولايات المتحدة عدد قواعدها العسكرية في شمال شرقي سوريا إلى ثلاث فقط، مع سحب 500 جندي إضافي هذا العام. وبهذا الإجراء، تقلّص التواجد الأميركي بنسبة تصل إلى 75% مقارنةً ببداية العام، حسبما أفادت كارولين روز، كبيرة الباحثين في معهد “نيو لاينز” للأبحاث.

انسحاب تدريجي.. واحتفاظ بموطئ قدم استراتيجي

تشير كارولين روز إلى أن إدارة ترامب (في مراحلها الأخيرة) سمحت بهذا الانسحاب التدريجي، في وقت تتحدث فيه مصادر أميركية عن نية للاكتفاء بقاعدة واحدة على المدى البعيد، ما يعكس توجهاً لإعادة ترتيب أولويات الانتشار العسكري الأميركي عالمياً.

وفي تصريحات سابقة، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك أن بلاده تسعى لتقليص وجودها في سوريا، لكنها لا تزال ترى في المنطقة ضرورة استراتيجية لضمان استمرار محاربة داعش، وضمان الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

قاعدتان كبيرتان وموافقة مزدوجة: الإدارة الذاتية ودمشق

رداً على تساؤلات “مجهر” بشأن صحة تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة ستحافظ على قاعدتين عسكريتين كبيرتين في مناطق الإدارة الذاتية، أكدت إيرينا تسوكرمان، المحامية المتخصصة في الأمن القومي وعضو مجلس إدارة مركز “واشنطن أوتسايدر”، أن الوجود الأميركي المتبقي سيعتمد بشكل متزايد على التفاهمات المحلية، سواء مع الإدارة الذاتية أو حتى مع الحكومة السورية.

وتضيف تسوكرمان:
“الولايات المتحدة باتت ترى أن الحفاظ على موطئ قدم عسكري في شمال وشرق سوريا يجب أن يتم ضمن ترتيبات محلية إقليمية دقيقة، مع التركيز على تجنّب التصعيد مع كل من تركيا وروسيا. بقاء القواعد الأميركية، سواء في التنف أو في مناطق الإدارة الذاتية، لن يكون دون تنسيق مع الفاعلين المحليين والدوليين، وهو ما يعكس تحوّلاً في ديناميكيات النفوذ الأميركي في سوريا”.

وتُعد قاعدة التنف (جنوب شرقي سوريا) ذات أهمية استراتيجية لمراقبة التحركات الإيرانية، فيما تمثل القواعد في الشمال الشرقي عنصر دعم مباشر لقوات سوريا الديمقراطية، التي كانت الشريك الأبرز لواشنطن في الحرب على تنظيم داعش.

المؤشرات الحالية تفيد بأن واشنطن لا تنسحب كلياً من المشهد السوري، لكنها تعيد تموضعها بشكل يتماشى مع تحولات الإقليم، ومع رغبة متزايدة في تقليل البصمة العسكرية مع الحفاظ على النفوذ من خلال الشراكات المحلية والدبلوماسية.

زر الذهاب إلى الأعلى