تقارير

حلب.. صعوبات في تأمين وسائل التدفئة و”مخصصات حكومية” لا تكفي لأيام

بعد أن صرف جُلَّ راتبه الحكومي على شراء مستلزمات مدفئة المازوت وصيانتها، ينتظر أحمد حلاق /36 عاماً/ (اسم مستعار) أن تصله رسالة استلام مادة المازوت من حكومة دمشق.

الموظف في مديرية الصحة في حلب يأمل هذا العام أن يحصل على /50/ ليتر من مخصصاته لمازوت التدفئة التي أقرَّتها الحكومة، فالشتاء المنصرم كان قاسياً على زوجة وطِفْلَي الرجل الثلاثيني المقيم في حي الأعظمية في حلب، إذ لم تصله رسالة استلام المازوت ولم يتمكن من تأمين بدائل للتدفئة، وفق ما قاله.

“أحمد حلاق” الذي حاول طوال فترة الصيف أن يقوم بتأمين ولو كمية محدودة من المازوت الحرّ، لم يحالفه الحظ، فالأسعار في السوق السوداء وصلت لأرقام غير مسبوقة يعجز عنها راتبه الحكومي المحدود، حسبما قاله لمنصة “مجهر”.

ويضيف الموظف الحكومي: “العام الماضي لم تشتغل مدفئتي إلا لأيام محدودة، بعد أن قمت بشراء كميات محدودة من مازوت التدفئة من السوق السوداء، وخاصة أن الخمسين ليتراً من هذه المادة التي خصَّصتها لنا الحكومة لم يستلمها معظم الأهالي وأنا منهم”.

وتابع “ها قد جاء الشتاء ولم تصلنا هذه الكمية أيضاً وأغلب الظن أنها لن تصل، فالكمية التي تم توزيعها عبر نظام رسائل البطاقة الذكية محدودة، ففي منطقتي قلة قليلة هي من حصلت على الكمية، وعلى بقية العوائل الانتظار ولا نعلم إلى متى ستطول فترة الانتظار”.

ويشير “أحمد” إلى أن من يستلم الكمية التي حددتها “الحكومة” لا تكفيه سوى لأيام محدودة، قد لا تتخطى عشرة أيام.

ويقول “لا أدري ما العمل، فلديَّ طفلين أكبرهم يبلغ من العمر /5/ سنوات والأصغر يبلغ من العمر عامين، فهل يُعقل أن نقبع بالبرد مجدداً كما حصل معنا في الشتاء الماضي، مع أنني حينها استطعت تأمين كميات قليلة من المازوت تجاوزتُ بها الأيام الأشد برودة؟”.

ويضيف “على ما يبدو أن هذا العام سيكون الوضع أكثر سوءاً وكارثياً، خاصة وأن ليتر المازوت بهذه الأيام وصل سعره لـ/6000/ ليرة لليتر الواحد وهو قابل للارتفاع، أي إذا أردت شراء /100/ ليتر من المازوت، عليَّ دفع /600/ ألف ليرة سورية، وراتبي الحكومي شهرياً لا يتعدى /140/ ألف ليرة هل هذا عدل؟ هل تدرك الحكومة حجم معاناتنا؟”.

من جهته حاول “عمر عنجريني /48 عاماً”، وهو من أهالي حي الميدان في حلب، ومنذ نهاية الصيف تأمين وسيلة تدفئة تغنيه عن مادة المازوت، نظراً لارتفاع سعره بالسوق الحر وعدم جدوى انتظار الحصول عليه من مخصصات الحكومة.

يقول “عمر” عن محاولته إنها “أشبه بمهمة بالغة الصعوبة”، ولم يتمكن حتى الآن من إيجاد بدائل تدفئة لأسرته، خاصة وأن البدائل التي يبحث عنها “إما فقدت او أصابتها عدوى ارتفاع الأسعار الذي يفوق قدرات معظم الأهالي”، وفق تعبيره.

ويقول الرجل الأربعيني والذي يعمل في ورشة خياطة لمنصة “مجهر”: “التدفئة على الغاز باتت شبه مستحيلة، فغاز الطبخ المنزلي نحتاج لأسطوانة منه شهرياً، ولا نحصل عليه من الحكومة إلا كل ثلاثة أشهر وعلى واحدة فقط، فكيف نجعل منه وقود تدفئة وأقل منزل يحتاج لأسطوانة اسبوعياً على أقل تقدير؟”.

وتبلغ قيمية أسطوانة الغاز الواحدة في السوق السوداء /100/ ألف ليرة سورية.

ويضيف عمر “أيضاً الحطب، مع أنه غير ملائم كثيراً للشقق السكنية الني نقطن فيها، ولكن سَعيتُ لشراء كميات منه لاستخدامه في التدفئة، فصدمتني الأسعار، فسعر الطن الواحد وصل لمليون و/200/ ألف ليرة سورية، وهذا يفوق استطاعتي وقدرتي، لذلك لازلت أنتظر تأمين بديل، ولربما نقضي الشتاء أنا وأُسرتي هكذا دون تدفئة”.

أما “منى نور الدين39 /عاماً” والمقيمة في حي صلاح الدين في حلب، وهي أم لثلاثة أطفال، كانت تأمل في أن تحلّ الكهرباء الحكومية مشكلة البرد، وتقول “مع الواقع الحالي والانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي؛ لا يمكن حل مشكلة التدفئة، وبات من الواضح أنه لا كهرباء حكومية هذا العام، هذا مؤكد على ضوء التغذية الحالية، المكيف ومدفأة الكهرباء في منزلي سيصبحان بلا أي فائدة”.

وتعود معاناة السوريين مع مادة المازوت، وخصوصاً في مدينة حلب، إلى الأعوام الثلاثة الأخيرة، والتي شهدت انخفاضاً في مستوى وتوفر المادة بالسعر المدعوم، رغم إقرار توزيعه وفق ما تسمى “البطاقة الذكية”، وعلى الرغم من حصول بعض العائلات على مخصصاتها التي تقدر بـ/50/ ليتر، إلا أنها ليست كافية لاحتياجات المواطنين، وهو ما يدفعهم للاعتماد على شراء مادة المازوت من السوق السوداء، رغم ارتفاع سعره الكبير مقارنة بدخل المواطن.

إعداد تقرير: سامر العقّاد

زر الذهاب إلى الأعلى