المرصد السوري: رغم سقوط النظام.. السوريون بين فوضى السلاح والموت البطيء

بعد نحو ستة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد، لا تزال سوريا غارقة في الفوضى، وسط استمرار الانفلات الأمني، وتصاعد العنف، وتدهور الوضع الإنساني والمعيشي في مختلف المناطق، في مشهدٍ يُنذر بكارثة طويلة الأمد، رغم الآمال التي علّقها السوريون على مرحلة ما بعد النظام، وفق تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الانسان.
فوضى السلاح والانفلات الأمني
في تقرير لـ “المرصد”،’ يرى مراقبون أن غياب الدولة وسيطرتها الكاملة على السلاح والتشكيلات المسلحة، ساهم في استمرار أعمال القتل والانتقام والثأر، حيث تنتشر الأسلحة بين المدنيين، وتُستخدم في جرائم فردية مقابل المال أو بدوافع اجتماعية، في ظل غياب دور الأجهزة الأمنية.
ويؤكد المرصد أن مجموعات مسلحة “منفلتة” تستغل ضعف الدولة لتحقيق مكاسب شخصية وتنفيذ عمليات قتل مقابل الدولارات، ما يفاقم من تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.
الفقر والجوع سببٌ آخر للموت
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، في بلد كان يومًا ما من أكثر دول المنطقة إنتاجًا زراعيًا وصناعيًا.
وبحسب البنك الدولي، يعاني أكثر من ربع السكان من البطالة، وتُسجل نسبتها الأعلى في صفوف النساء، ما يؤدي إلى تزايد مظاهر الجريمة بحثًا عن لقمة العيش.
وتتحوّل الحاجة أحيانًا إلى دافع لارتكاب جرائم، خصوصًا في ظل انعدام الدعم الاجتماعي وانهيار المؤسسات، بحسب التقرير.
قصف إسرائيلي متواصل رغم تغيير الحكم
من جهة أخرى، تواصل إسرائيل قصفها لمواقع داخل الأراضي السورية، رغم التطمينات التي قدمتها الحكومة الجديدة بعدم تهديد أمن الجوار.
ووفق المرصد، نفذت إسرائيل نحو 500 غارة جوية منذ ديسمبر، أسفرت عن مقتل 35 شخصًا من مدنيين وعسكريين، إضافة إلى توغلات برية رفعت فيها العلم الإسرائيلي على بعض قمم الجنوب السوري.
مخلفات الحرب تقتل المدنيين يوميًا
تحولت بقايا الحرب إلى تهديد يومي، حيث قتل 443 مدنيًا، بينهم أطفال ونساء، منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار ألغام وأجسام غير منفجرة، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 480 آخرين.
وطالب المرصد المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإزالة هذه المخلفات، مشددًا على أن الدولة السورية المنهكة لا تملك الإمكانيات الكافية لمعالجة هذا الملف بمفردها.
قطاع صحي في حالة انهيار
إلى جانب الفوضى الأمنية، يعاني السوريون من غياب الرعاية الصحية. فقد أدى نقص الأدوية، خصوصًا لمرضى السرطان والسكري، إلى وفاة العشرات بسبب غياب العلاج، في ظل تجاهل حكومي لمطالب تطوير القطاع الصحي، الذي لم يكن حاضرًا في أجندات الحكومة المؤقتة، رغم كونه أولوية وطنية.
المرصد: الصمت الحكومي مشاركة في الجريمة
حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان من أن تجاهل الحكومة للمطالب الشعبية، وعدم التفاعل مع منظمات المجتمع المدني، قد يؤدي إلى مأساة جديدة، مشددًا على أن الصمت إزاء جرائم القتل وغياب العدالة يُعد “مشاركة فيها”.
وطالب المرصد بضرورة:
• سحب السلاح العشوائي
• فرض التعايش السلمي وحماية الطوائف
• رفع العقوبات الاقتصادية عبر ضمانات سياسية حقيقية
• ودعم جهود إعادة الإعمار ودمج القوى السياسية المعارضة في مشروع وطني جامع.
وقال المرصد أيضاً في تقريره: “يأمل السوريون الذين عاشوا ويلات الحرب والتهجير والقتل أن تتحقق وعود المرحلة الجديدة، وأن تعود إليهم أبسط حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية: الحق في الحياة، والغذاء، والأمن، والصحة، والكرامة”.
مضيفا: “لكن الواقع الميداني اليوم، يجعل هذه الحقوق أقرب إلى أحلام مؤجلة في بلد أنهكته الحرب، وتغذيه الفوضى، وتُهدده التدخلات الخارجية من كل صوب”.